فاعتدلت في جلستها وهي تقول بلهجة ذات معنى: الحقيقة أنك لا تحب أحدا!
ولم يجد رغبة في المغازلة فلم يرد، وبدا أن السيارة تتجه نحو العباسية فتوسلت إليه قائلة: سيرونني معك!
وكان يفكر في ذلك أيضا، فمال مع الطريق المتفرع الذي يفضي في النهاية إلى الدراسة، وخفف من السرعة قليلا، ثم راح يقول: قصدت قهوة طرزان لأحصل على مسدس، ولأتفق إن أمكن مع سائق تاكسي من زملائنا القدامى، فانظري كيف رمى لي الحظ بهذه السيارة. - ألا ترى أنني نافعة دائما؟ - دائما، وكنت رائعة، لم لا تشتغلين ممثلة؟ - ولكني فزعت أول الأمر حقيقة! - وبعد ذلك؟ - أرجو أن أكون قد أتقنت دوري حتى لا يشك في! - لم يكن في رأسه عقل ليشك في أحد.
واتجه رأسها نحوه ثم سألته: لم تريد المسدس والسيارة؟ - لزوم العمل! - يا خبر! متى خرجت من السجن؟ - أول أمس. - وتعود إلى التفكير في ذلك؟ - هل يسهل عليك تغيير صنعتك؟
فلم تجبه، ونظرت إلى الطريق المظلم الذي تلتمع أرضه بضوء السيارة، وقد اقترب الجبل عند المنعطف كقطعة من الليل أشد كثافة، ثم قالت برقة: أتدري كم حزنت عندما علمت بسجنك؟ - كم؟
بشيء من الحدة: متى تكف عن السخرية؟ - لكني جاد جدا، وواثق من صدق قلبك! - أما أنت فلا قلب لك! - حجزوه في السجن كما تقضي التعليمات. - أنت دخلت السجن بلا قلب!
لم الإلحاح على حديث القلوب، اسألي الخائنة، واسألي الكلاب، واسألي البنت التي أنكرتني. - سنوفق يوما إلى العثور عليه! - وأين تبيت هذه الليلة؟ هل تدري زوجتك أين أنت؟ - لا أظن! - هل أنت ذاهب إلى بيتك؟ - لا أظن، ليس الليلة على أي حال.
فقالت برجاء: تعال إلى بيتي! - تسكنين وحدك؟ - شارع نجم الدين، وراء قرافة باب النصر. - رقمه؟ - البيت الوحيد في الشارع، تحته وكالة خيش، ووراءه القرافة.
ضحك سعيد قائلا: يا له من موقع فريد!
فجارته في ضحكه ثم قالت: لا يعرفني هناك أحد، ولم يزرني فيه أحد، ستكون أول رجل يدخله، وشقتي في أعلى دور.
Page inconnue