Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Maison d'édition
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Année de publication
1315 هـ
وعارف ينطق عن حقيقة وكان يقول: الجمع بالحق تفرقة عن غيره والتفرقة عن غيره جمع به، وكان يقول: ليس التصوف رسوما ولا علوما وإنما هو أخلاق، وكان رضي الله عنه يقول: من لم يعرف الله تعالى في الدنيا لم يعرفه في الآخرة وكان يقول منذ عرفت ربي ما اشتبهت شيئا ولا استحسنت شيئا وكان يقول: من رأيته يركن إلى غير أبناء جنسه ويخالطهم فلا تقربن منه ومن رأيته يسمع القصائد ويميل إلى الرفاهية فلا ترج خيره ومن رأيته من الفقراء غافل القلب عند السماع فاتهمه وكان يقول: لكل شيء عقوبة وعقوبة العارف انقطاعه عن الذكر، وكان يقول: هذا زمان المعروف فيه زلل والصواب فيه خطأ والوداد فيه دخل ولما وقع بينه وبين المعتضد ما وقع خرج إلى البصرة فأقام بها إلى أن توفي المعتضد بالله خوفا أن يسأل الشفاعة إليه في حاجة، فلما مات المعتضد عاد النوري إلى بغداد. وأصل الوقعة أنه مر عليه أذنان من خمر فكسرها، فحملوه إلى المعتضد فقال له المعتضد: من أنت وكان يسفه قبل كلامه فقال: محتسب فقال: من ولاك الحسبة قال: الذي ولاك الخلافة وأغلظ عليه القول ثم خرج من بلاده وكان يقول: وقفت على شيخ يضرب بالسياط فعددت عليه ألفا وهو ساكت فاستحسنت صبره مع كبر سنه فلما أدخل الرجل الحبس دخلت عليه فسألته عن صبره مع كبر سنه فقال: يا أخي إنما يحمل البلاء الهمم لا الأجسام قال التفليسي رحمه الله تعالى: وكان النوري إذا دخل مسجد الشونيزية انقطع ضوء السراج من ضياء وجهه، فلذلك سمي النوري قال وكان إذا حضر معنا لا تؤذينا البراغيث رضي الله عنه.
ومنهم أبو عبد الله محمد بن يحيى بن الجلاء
رحمه الله تعالى ويقال أحمد وهو الأصح
بغدادي الأصل أقام بالرملة ودمشق وكان من جملة المشايخ بالشام صحب أبان وذا النون المصري وأبا عبيد البسري وكان عالما وهو أستاذ محمد بن داود الرقي.
ومن كلامه رضي الله عنه: من استوى عنده الذم والمدح فهو زاهد، ومن حافظ على الفرائض في أول وقتها فهو عابد، ومن رأى الأفعال كلها من الله سبحانه وتعالى فهو موحد، وقيل له: ما تقول في الرجل يدخل البادية بلا زاد فقال: هذا من فعل رجال الله، قيل فإن مات قال الدية على القاتل وكان يقول: من غيرة الحق تعالى أنه لم يجمل لأحد عليه طريقا، ولم يؤيس أحدا من الوصول إليه وترك الخلق في مفازة البحر يركضون في بحار الظن يغرقون، فمن ظن أنه واصل فاصله ومن ظن أنه فاصل واصله فلا وصول إليه ولا مهرب عنه ولا بد منه، وكان يقول من علت همته على الأكوان وصلى إلى مكونها ومن وقف نفسه على شيء سوى الحق تعالى لأنه أعز من أن يرضى معه شريكا وكان رضي الله عنه يقول: لو أن رجلا عصى الله تعالى بين يدي ثم استتر عني بجدار لم يسعني من الله تعالى أن أعتقد عدم توبته لاحتمال أنه تاب رضي الله عنه.
ومنهم أبو محمد رويم بن أحمد
رضي الله تعالى عنه
هو بغدادي الأصل من جملة مشايخ بغداد وكان فقيها على مذهب داود الأصفهاني. مات رويم رحمه الله تعالى سنة ثلاث وثلاثمائة ودفن بالشونيزية. ومن كلامه رضي الله عنه: من حكمة الحكيم أن يوسع على إخوانه في الأحكام ويضيق على نفسه فيها فإن التوسعة عليهم اتباع للعلم والتضييق على نفسه من حكم الورع، وكان رضي الله عنه لا يعبأ بالمريد إذا لم يبذل روحه في الطريق ويقول: لا ينال هذا الأمر إلا ببذل الروح فإن أمكنك الدخول فيه على هذا قال فلا تشتغل بزخارف الكلام، وكان يقول من قعد مع القوم وخالفهم في شيء مما يتحققون به نزع الله نور الإيمان من قلبه، وكان رضي الله عنه يقول: لا تزال الصوفية بخير ما تنافروا فإذا اصطلحوا هلكوا وسئل رضي الله تعالى عنه عن المحبة فقال: هي الموافقة في جميع الأحوال وأنشد:
ولو قيل مت قلت سمعا وطاعة ... وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا
وقيل له مرة كيف حالك فقال: كيف حال من دينه هواه وهمته شقاء ليس بصالح تقي ولا عارف نقي، وكان رضي الله عنه يقول: للعارف مرآة إذا نظر فيها تجلى له مولاه جل وعلا وكان يقول: لي منذ عشرين سنة لم يخطر في قلبي ذكر الطعام حتى يحضر ولي منذ عشرين سنة أصلي الغداة بوضوء العشاء الأخيرة رضي الله تعالى عنه.
ومنهم أبو عبد الله محمد بن الفضل البلخي
رضي الله تعالى عنه ورحمه
أصله من بلخ
Page 75