وإذا أَتَتْكَ مُصِيبَةٌ تُشْجَى بِها (^١) … فاذْكُرْ مُصَابَكَ بالنَّبيِّ مُحَمَّدِ
ولبعضهم (^٢):
تَذَكَّرْتُ لَمَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا … فَعزَّيْتُ نَفْسِي بالنبِي مُحَمَّدِ
وَقُلْتُ لَها إن المنَايا سَبِيلُنا … فَمَنْ لَمْ يَمُتْ في يَوْمِهِ ماتَ في غَدِ
كانت الجماداتُ تتصدَّعُ مِن ألم مفارقةِ الرَّسُولِ، فكيفَ بقلوبِ المؤمنينَ؟!.
لما فقدَه الجِذْعُ الذي كان يخطُبُ إليه قَبْلَ اتِّخَاذِ المِنْبَرِ حَنَّ إليه، وصَاحَ كما يَصِيحُ الصَّبِيُّ، فَنَزلَ إليه فاعْتَنَقهُ، فجَعَلَ يُهدَّى كما يُهدَّى (^٣) الصَّبِيُّ الذي يُسَكَّنُ عندَ بكائِه، فقال: "لو لم أعتنِقْهُ لَحَنَّ إلى يومِ القيامةِ" (^٤).
كان الحسنُ إذا حَدَّثَ بهذا الحديثِ بَكَى، وقال: هذهِ خَشَبَة تَحِنُّ إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فأَنْتُمْ أحقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إليه. ورُوِي أن بلالًا كان يُؤذنُ بعدَ وفاة النبي ﷺ قبلَ دفنِه، فإذا قال: أشهدُ أن محمَّدًا رسولُ اللهِ، ارتجَّ المسجِدُ بالبُكاءِ والنَّحِيبِ، فلمَّا دُفِنَ تَرَكَ بلال الأذانَ.
ما أمَرَّ عَيْشَ من فَارقَ الأحباب، خصوصًا مَنْ كانَتْ رُؤيتُه حياةَ الألباب.
لو ذَاقَ طَعْم الفِراق رَضْوَى … تكَادَ مِنْ وَجْدِهِ يَمِيدُ
قَدْ حَمَّلُوني عَذَابَ شَوْقٍ … يَعْجِزُ عَنْ حَمْله الحَدِيدُ
لمَّا دُفِنَ الرَّسُولُ ﷺ، قالَتْ فاطمةُ: كيفَ طابَتْ أنفسُكُم أن تحثُوا على