مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ (^١). وقد ذُكِرَ كثيرٌ مِن السَّلفِ أنَّهم كانوا قد فَرُّوا من الطَّاعون فأصابهم. وفَرَّ بعضُ المتقدِّمين من طاعونٍ وَقَعَ، فبينا هو يَسيرُ باللَّيلِ على حمارٍ له إذ سمعَ قائلًا يقول:
لنْ يُسْبَقَ اللهُ على حِمارٍ … ولَا عَلَى ذي مَيْعَةٍ مُطَارِ (^٢)
أو يأتيَ الحَتْفُ على مِقْدَارِ … قَدْ يُصْبِحُ الله أمام السَّارِي
فأصابَهُ الطاعونُ، فمات.
وأمَّا قولُه ﷺ: "لا هامَةَ" فهو نفيٌ لِما كانَتِ الجاهليةُ تعتقدُه أن الميتَ إذا ماتَ صارَتْ روحُه، أو عظامُه، هامةً، وهو طائر يطير. وهو شبيه باعتقادِ أهلِ التناسخِ؛ أن أرواحَ الموتى تنتقلُ إلى أجسادِ حيواناتٍ من غير بَعثٍ ولا نُشورٍ، وكل هذه اعتقاداتٌ باطلةٌ جاءَ الإسلامُ بإبطالِها وتكذيبِها. ولكن الذي جاءتْ به الشريعةُ "إنَّ أرواحَ الشُّهداءِ في حواصل طيرٍ خُضْرٍ تأكُلُ مِن ثمار الجنَّةِ، وترِدُ من أنهارِ الجنة، إلى أَن يَرُدَّها الله تعالى إلى أجسادها يوم القيامة (^٣) ". [ورُوي أيضًا "إنَّ نَسَمَةَ المؤمن طائر يعلُقُ في شجر الجَنَّة حتى يرجعهَا الله إلى أجسادِها يومَ القيامة"] (^٤).
وأمَّا قولُه ﷺ "ولا صَفَرَ" فاختُلف في تفسيرِه؛ فقال كثيرٌ من المتقدمين: الصَّفَرُ داءٌ في البطن، يقال: إنه دُودٌ فيه، كبارٌ كالحيّاتِ، وكانوا يعتقدون أنَّه يُعْدِي، فنفَى (^٥) ذلك النبيُّ ﷺ.