يا عباد الله اتقوا يوم القيامة وتذكروا أحوالها، فإنه يوم عظيم كربه كثير غمه، شديد زلزالها، أقسم الله به عبرة بقوله: {والسماء ذات البروج، واليوم الموعود، وشاهد ومشهود}(1)، وورد عن صاحب المقام المحمود أنه قال لجبريل: (ما لي لم أر ميكائيل يضحك، فقال: لم يضحك منذ خلقت النار ذات الوقود)(2)، تدبروا في عظمة الله تخشى الملائكة مع تقربهم، وتستعيذ من أن تكون كالشيطان المردود، خلق الله ملائكة لا يحصي عددهم إلى هو: فمنهم قياما إلى يوم القيام، ومنهم ركع وسجود، ترعد فرائصهم، وتقشعر أجسادهم خوفا من الخالق الودود، وخلق النار ذات الوقود، لها زفير وشهيق أعدت للعصاة ماكثين فيها وللكفار على طريق الخلود، وبسط على متن جهنم صراطا، فهو عليه ممدود، أدق من الشعر، وأحد من السيف، يؤمر الناس بالمرور عليه، وهم حاملون أوزارهم على ظهورهم، خائفون زلة أقدامهم: فمنهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم كالفرس السابح، ومنهم كالنملة البطيئة، فيدخلون دار النعيم ولهم فيها خلود، ومنهم من لا يقدر على العبور ويسقط في أثناء المرور ويصير في النار كالمفقود، فتخرق النار جلودهم وأجسادهم ويلبسون نعال النار يتقطع بها من الأقدام إلى الخدود، ولهم فيها مكث دائم لا يخرجون ولا يخرجون، يتمنون يا ليتهم كانوا من الحيوانات والدود.
Page 71