بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي ليس كمثله شيء في القدرة ولا شريك له في عجائب الصنعة، خلق الوابل والطل، خلق الإنسان وخصه بمزيد الامتنان وجعل النحل والبق والقمل، فسبحانه وتعالى من إله لا تدرك عجائب قدرته ولا تحاط بلطائف صنعته، خلق الإنسان من عجل، وزين السماء بمصابيح، وخلق لنفع الخلائق الشمس والقمر والمريخ والزحل.
أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وهو العلي الآجل، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، صاحب القرآن والقول الفيصل، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دار الكوكب وأفل.
أما بعد:
يا مسكين، يا من نفسه بما كسب رهين؛ إن مولاك رباك ورزقك، وأنت جنين معطل، ثم أخرجك من دار العدم إلى دار الوجود، وبإيصال الرزق تكفل، وحتم على نفسه بالرحمة والتربية وسجل، فمالك تطلب الدنيا الدنية، وتصرف عمرك في اكتساب الأموال الردية ولا تتوكل، ألا تعتمد على وعد الله بقوله في كتابه المبين: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}(1)، اتظن أنه كذب أو فيه ريب وخلل، ما خلق الجن والأنس إلا ليعبدوه ما يريد منهم من رزق، وما يريد أن يطعموه، فما أغفل الخلق وما أجهل.
Page 64