اعلموا أن الدنيا ليست بدار البقاء، بل هي دار الفناء فلا يغتر بها(1)إلا أهل الضلال، أين أباؤكم وأجداكم؟ أين أمثالكم وأقرانكم؟ أين سلاطين الزمان وخواقين الدوران؟ أين أرباب الأموال؟ هل نفعهم ملكهم أم أبقاهم سلطانهم، أم أحياهم قدرهم أم نفعهم الجاه والمال؟! كلا والله لما جاء أجلهم لم يستاخروا ساعة ولا أمهلوا بالقيل والقال {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب}(2).
فيا أيها الخلان؛ استعدوا لما يمضي عليكم من الأهوال، وتوبوا من جميع الذنوب واستغفروا الله، غافر الذنوب، ولا تغتروا بسعة رحمته، فإنه شديد البطش شديد المحال، وإياكم والموبقات المهلكات من الغيبة والنميمة والحقد والحسد والتباغض والتنافس والهمز واللمز، فمن اكتسبها وقع في حفرة الضلال، وإياكم وكثرة السؤال، والاشتغال بالهزل والجدل والمراء والرياء وإضاعة المال.
أما تعلمون أنكم تحاسبون على كل ذرة، وتناقشون في كل خصلة، وتمر عليكم شدائد السؤال.
Page 58