وبعضهم التزموا خطبة واحدة في كل جمعة غالفين عن أن الخطبة إنما شرعت للتذكير، وهو إنما يحصل بتجديد المواعظ والنصائح كل مرة، وقراءة خطبة واحدة لا ينفع في التأثر والتأثير، فأردت تسهيل الأمر عليهم، وصنفت لهم لكل شهر من شهور السنة خمس خطب لخمس جمع، فقد تقع في شهر جمعة خامسة.
وألفت الخطبة الثانية أيضا متعددة، فأن لكل جديد لذة، وقد أكثرت فيها إيراد جمل النصائح والمواعظ ينتفع بها كل سامع وواعظ، والأقتباس من كتاب الله القديم، وأحاديث نبيه الكريم عليه ألف صلوات والتسليم.
من غير تكلف القوافي والأسجاع، وإيراد ألفاظ مستبشعة تتنفر عنها الأسماع، ومن غير أيراد كلمات مستغربة وجمل معضلة يحتاج في فهم معانيها إلى نظر الكتب اللغوية ومهارة الفنون الأدبية، فأن إيراد أمثال ذلك لا يليق بهذه الخطب التي وضعت لأن يتنبه بها كل عالم وجاهل، ويتيقظ كل فاضل وغافل.
وأدرجت في كل خطبة ما يناسب الشهر الذي تقرأ فيه من الأحكام والفضائل، وتجنبت عادة المنفرين والمتبخترين من اختصار مخل أو تطويل بلا طائل، فقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطول الصلاة، وتقصر الخطبة، وجعل تطويل الخطبة إلى حد يفضي إلى حد النفرة من أشراط الساعة.
Page 7