معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

Abdul Rahman Al-Ansari d. Unknown
40

معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

Maison d'édition

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثامنة والعشرون-١٤١٧هـ

Année de publication

١٤١٨هـ

Genres

وَقد رُوِيَ: إِنَّه مَا صَاح حمَار وَلَا نبح كلب إِلَّا أَن يرى شَيْطَانا. وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: صياح كل شَيْء تَسْبِيح إِلَّا نهيق الْحمير. وَقَالَ عَطاء: نهيق الْحمير دُعَاء على الظلمَة. وَهَذِه الْآيَة أدب من الله تَعَالَى بترك الصياح فِي وُجُوه النَّاس تهاونًا بهم أَو بترك الصياح جملَة. وَكَانَت الْعَرَب تَفْخَر بجهارة الصَّوْت الجهير وَغير ذَلِك، فَمن كَانَ مِنْهُم أَشد صَوتا كَانَ أعز، وَمن كَانَ أَخفض كَانَ أذلّ حَتَّى قَالَ شَاعِرهمْ: جهير الْكَلَام جهير العطاس ... جهير الرواء جهير النعم ويعدو على الأين عدوى الظليم ... ويعلو الرِّجَال بِخلق عمم فَنهى الله ﷾ عَن تِلْكَ الْخلق الْجَاهِلِيَّة بقوله: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ أَي لَو أَن شَيْئا يهاب صَوته لَكَانَ الْحمار، فجعلهم فِي الْمثل سَوَاء١. يَتَّضِح من الْوَصَايَا الَّتِي وصّى بهَا لُقْمَان ابْنه أَنَّهَا تجمع أُمَّهَات الحكم، وتستلزم مَا لم يذكر مِنْهَا، وكل وَصِيَّة يقرن بهَا مَا يَدْعُو إِلَى فعلهَا إِن كَانَت أمرا وَإِلَى مرتكبها إِن كَانَت نهيا. فَأمره بِأَصْل الدّين وَهُوَ التَّوْحِيد، وَنَهَاهُ عَن الشّرك وَبَين لَهُ الْمُوجبَة لتَركه. وَأمره ببر الْوَالِدين وَبَين لَهُ السَّبَب الْمُوجب لبرهما وَأمره بشكره وشكرهما ثمَّ احْتَرز بِأَن مَحل برهما وامتثال أوامرهما مالم يأمرا بِمَعْصِيَة وَمَعَ ذَلِك فَلَا يعقهما بل يحسن إِلَيْهِمَا، وَإِن كَانَ لَا يطيعهما إِذا جاهداه على الشّرك. وَأمر بمراقبة الله وخوّفه الْقدوم عَلَيْهِ وَأَنه لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة من الْخَيْر وَالشَّر إِلَّا أَتَى بهَا. وَأمره بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَإِقَامَة الصَّلَاة وبالصبر اللَّذين يسهل بهما كل أَمر كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ .

١ - الْقُرْطُبِيّ: الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن ١٤/٧٢.

1 / 464