34

معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

معالم أصول التربية الإسلامية من خلال وصايا لقمان لابنه

Maison d'édition

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثامنة والعشرون-١٤١٧هـ

Année de publication

١٤١٨هـ

Genres

التَّنْفِيذ، وَرُبمَا يكون صَاحب حق أَو يُرِيد الْخَيْر فيغدو جانيًا أَو مُفْسِدا وَلَو أَنه اعْتصمَ بِالصبرِ لَسلِم من كل ذَلِك١. لهَذَا أوصى لُقْمَان ابْنه بِالصبرِ، لِأَن الصَّبْر على المصائب يبْقى للْفِعْل نوره، وَيبقى للشَّخْص وقاره، وَلذَا كَانَ الصَّبْر من الْآدَاب الرفيعة والأخلاق القويمة، وَصفَة من صِفَات الْمُؤمن، وسمة من سمات المبشرين بِالْأَجْرِ الْعَظِيم من الله ﷿ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ٢. نخلص مِمَّا سبق أَن لُقْمَان وَصيته هَذِه رتب الْأُمُور بِحَسب أهميتها للداعية حَيْثُ بدأها بتربية النَّفس على طَاعَة الله ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاة﴾ ثمَّ ثنى بدعوة الآخرين ﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ثمَّ أَمر بِالصبرِ على مَا يُصِيبهُ وَتحمل مَا يتَعَرَّض لَهُ من الْأَذَى ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك﴾ . وَهَكَذَا يربَّي لُقْمَان ابْنه على مَنْهَج الْعِبَادَة، حَيْثُ أَن الْعِبَادَة فِي الإسلامِ تربي الْإِنْسَان الْمُسلم على الوعي الفكري الدَّائِم، وَهَذَا مَا يَجعله إنْسَانا منطقيًا واعيًا فِي كل أُمُور حَيَاته، ومنهجيًا لَا يقوم بِعَمَل إِلَّا ضمن خطة ووعي وتفكير، إِلَى جَانب ذَلِك فَهُوَ فِي يقظة دائمة يراقب الله فِي كل أَعماله٣. وَإِضَافَة إِلَى مَا سبق فَإِن الْعِبَادَة تربي فِي الإِنسان الْمُسلم الشُّعُور بِالْعِزَّةِ والكرامة، قَالَ تَعَالَى: ﴿... وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ الْآيَة ٤. فضلا عَن تَرْبِيَته على قدر من الْفَضَائِل الثَّابِتَة الْمُطلقَة، لَا تقف عِنْد حُدُود الأَرْض أَو الْقَوْم والمصلحة القومية، إِنَّهَا أَخْلَاق الْإِسْلَام الَّتِي تصلح لكل زمَان وَمَكَان، وَبِهَذَا الْمنْهَج الرباني الْمُرْسل لِلْعِبَادَةِ يرتبط الْإِنْسَان الْمُسلم بإخوانه

١ - الْمرجع السَّابِق. ٢ - سُورَة الزمر: آيَة (١٠) . ٣ - عبد الرَّحْمَن النحلاوي: أصُول التربية الإسلامية ص ٥٤ - ٥٥. ٤ - سُورَة المُنَافِقُونَ: آيَة (٨) .

1 / 458