ومثال ما تقدّم الاستفهام، قولك١: أَجَاءَكَ٢ رَجُلٌ رَاكِبًا؟، ومنه قولُ الشّاعر:
يَا صَاحِ هَلْ حُمَّ عَيْشٌ بَاقِيًا فَتَرَى ... لِنَفْسِكَ الْعُذْرَ فِي٣ إِبْعَادِهَا الأَمَلاَ؟ ٤
وقد تقع الجملة حالا: ً٥؛ وهي إمَّا اسميّةٌ، وإمّا فعليّةٌ؛ فإنْ كانت
١ في أ: كقولك.
٢ في أ: أخاك.
٣ في ب: من.
٤ هذا بيتٌ من البسيط، لرجلٍ من طيِّء، لم أقف على اسمه.
(صاح): أصله صاحبي، فرخّم بحذف آخره ترخيمًا غير قياسي، إذْ هو في غير علم، وقياس التّرخيم أنْ يكون في الأعلام. و(هل حُمَّ عيش) أي: هل قُدِّر عيش.
والمعنى: يا صاحبي هل قُدِّرَ للإنسان حياة دائمة في الدّنيا؟، أو أنْ يعيش عيشة هنيّة لا يشوبها كَدَر؟، فيكون لك العذر في هذه الآمال البعيدة.
والشّاهد فيه: (باقيًا) حيث وقع حالًا من النّكرة - عيش -؛ وسوّغ ذلك وُقوع النّكرة بعد الاستفهام.
يُنظر هذا البيت في: شرح التّسهيل ٢/٣٣٢، وابن النّاظم ٣٢١، وأوضح المسالك ٢/٨٧، وابن عقيل ١/٥٨٠، وشفاء العليل ٢/٥٢٦، والمقاصد النّحويّة ٣/١٥٣، والتّصريح ١/٣٧٧، والهمع ٤/٢٢، والأشمونيّ ٢/١٧٦، وشعر طيّء ٢/٧٩٢.
٥ تقع الحال جملة بأربعة شروط:
الأوّل: كونُ الجملة خبريّة؛ وهي المحتملة للصّدق والكذب؛ وهذا الشّرط مُجْمَعٌ عليه؛ لأنّ الحال بمثابة النّعت، وهو لا يكون جملة إنشائيّة.
والثّاني: أنْ تكون غير مصدّرة بدليل استقبال، كـ (السّين) و(سوف) و(لن) .
والثّالث: ألاّ تكون الجملة تعجُّبيّة.
والرّابع: أنْ تكون الجملة مرتبطة؛ إمّا بالواو والضّمير معًا لتقوية الرّبط، نحو قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ المَوْتِ﴾ [البقرة:٢٤٣]؛ أو بالضّمير فقط دون الواو، نحو قوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [البقرة:٣٦]؛ أو بالواو فقط دون الضّمير، نحو قوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ﴾ [يوسف: ١٤] .
يُنظر: أوضح المسالك ٢/١٠٣، والتّصريح ١/٣٨٩، والهمع ٤/٤٢، والأشمونيّ ٢/١٨٦.