وقد تلمح فيه الاسميّة بدخول حرف الجرّ عليه، كقول الشّاعر:
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَا١ ... [تَصِلٌّ] ٢ وَعَنْ قَيْضٍ٣ بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ٤
وتكون بمعنى (الباء)، كقولك٥: (سِرْ على اسمِ الله) .
(عَنْ): حرف جَرٍّ يدخل على الظّاهر والمُضْمَر؛ وله مَعَانٍ:
أَحَدُها: المجاوزة، كقولك: (بلغني عن زيدٍ حديث) أي: جاوزه.
وقد تكون مكان (من أجل)، قال لبيد:
لوِرْدٍ تَقْلِصُ الْغِيْطَانُ٦ عَنْهُ٧ ... ............................
١ في ب: ضمّها، وهو تحريف.
٢ ما بين المعقوفين ساقطة من ب، وفي أ: تصدُّ، وهو تحريف.
٣ في كلتا النسختين فيض، والصواب ما هو مثبت.
٤ هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لِمُزَاحِم بن الحارث العُقَيْليِّ.
و(الظِّمْءُ): مدّة صَبْرِها عن الماء، وهو ما بين الشّرب إلى الشّرب. و(تَصِلُّ): تُصوِّت، أي: يُسمع لأحشائها صليل من يبس العظم. و(القَيْضُ): قِشْرُ البيض. و(الزِّيزَاء): البيداء. و(مجهل): الصّحراء الّتي يُجهل فيها؛ إذْ لا علامة فيها.
والمعنى: إنّ هذه القَطَاة انصرفت من فوق فِرَاخها بعدما نفد صبرها عن الماء، تصوّت أحشاؤها لعطشها، بسبب بعد عهدها عن الماء.
والشّاهد فيه: (من عليه) على أنّ (على) فيه اسم بمعنى (فوق)؛ بدليل دخول حرف الجرّ عليه.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب ٤/٢٣١، ونوادر أبي زيد ١٦٣، والمقتضب ٣/٥٣، والأزهيّة ١٩٤، وشرح المفصّل ٨/٣٨، ورصف المباني ٤٣٣، والخزانة ١٠/١٤٧، ١٥٠، وشعرُه -ضمن مجلّة معهد المخطوطات العربيّة، المجلّد ٢٢ - ١/١٢٠.
٥ في ب: كقولهم.
٦ في كلتا النّسختين: الغيلان، والصّواب ما هو مثبت.
٧ هذا صدر بيتٍ من الوافر، وعجزه:
يَبُذُّ مَفَازَةَ الْخِمْسِ الْكَمَالِ
وهو للبيد، من أبيات له يصفُ فيها الحمار والأتن.
و(الورد): بمعنى الورود. و(الغيطان): المواضع المطمئنّة من الأرض. و(تقلص): تقصر. و(يبذّ): يقطع. و(الخمس): وُرود الماء في اليوم الخامس. و(الكمال): الكامل.
والشّاهد فيه: (عنه) حيث جاءت (عن) بمعنى (من أجل) أي: من أجله.
يُنظر هذا البيت في: أدب الكاتب ٤٠٦، وحروف المعاني للزّجّاجيّ ٨٠،والاقتضاب ٤٤٥، وشرح أدب الكاتب للجواليقيّ ٢٦٧، والدّيوان ١٠٧.