21

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

Numéro d'édition

من ١٤٠٤

Année de publication

١٤٢٧ هـ

Genres

نَعَمْ كَانَتْ هُنَاكَ أَعْرَافٌ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا النَّاسُ، فَحِينًا نَجِدُ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأَْعْرَافِ قَدْ أَقَرَّهَا الشَّارِعُ، وَأَحْيَانًا نَجِدُ أَنَّ الشَّارِعَ قَدْ أَبْطَل هَذِهِ الأَْعْرَافَ، كَعُرْفِ التَّبَنِّي وَكَعُرْفِ الظِّهَارِ وَبَعْضِ أَنْوَاعِ الأَْنْكِحَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْعَرَبِ، وَكَالرِّبَا، فَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَهُمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَيُّ إِنْسَانٍ - مَهْمَا كَانَ مُغَالِيًا فِي عَدَائِهِ لِلإِْسْلاَمِ - أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ التَّشْرِيعَ فِي هَذَا الْعَهْدِ قَدْ تَأَثَّرَ بِغَيْرِهِ مِنْ تَشْرِيعَاتِ الأُْمَمِ السَّابِقَةِ. وَلَمْ يُدَوَّنْ فِي هَذَا الْعَهْدِ إِلاَّ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ. وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَدْوِينِ غَيْرِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَلِطَ عَلَى النَّاسِ كَلاَمُ اللَّهِ بِكَلاَمِ الرَّسُول ﷺ كَمَا وَقَعَ لِلأُْمَمِ السَّابِقَةِ، حَيْثُ خَلَطُوا بَيْنَ كَلاَمِ اللَّهِ وَرُسُلِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ، وَاعْتَبَرُوهَا كُلَّهَا كُتُبًا مُقَدَّسَةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أُذِنَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنْ يُدَوِّنُوا أَحَادِيثَهُ الشَّرِيفَةَ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَدْ كَتَبَ مَا سَمِعَهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَسَمَّى صَحِيفَتَهُ هَذِهِ بِـ " الصَّادِقَةِ "، وَأُذِنَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنْ يَكْتُبَ بَعْضَ الْمَسَائِل الَّتِي تَتَّصِل بِالدِّمَاءِ وَالدِّيَاتِ. وَقَدْ انْتَقَل رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى الرَّفِيقِ الأَْعْلَى بَعْدَ أَنْ مَكَثَ يُبَلِّغُ رِسَالَةَ رَبِّهِ ثَلاَثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، مِنْهَا ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمَكَّةَ، كَانَتْ مُهِمَّتُهُ الأُْولَى تَثْبِيتَ الْعَقِيدَةِ، مَا يَتَّصِل مِنْهَا بِاللَّهِ ﷾ أَوِ التَّدْلِيل عَلَى صِدْقِ الرَّسُول ﷺ أَوْ مَا يَتَّصِل مِنْهَا بِالْيَوْمِ الآْخِرِ، كَمَا عُنِيَ فِي هَذَا الْعَهْدِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ وَالنَّهْيِ عَنْ أُمَّهَاتِ الرَّذَائِل، وَإِذَا كَانَ فِي الْعَهْدِ الْمَكِّيِّ بَعْضُ الأَْحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ كَأَحْكَامِ الذَّبَائِحِ فَإِنَّ هَذِهِ الأَْحْكَامَ لَهَا صِلَةٌ بِالتَّوْحِيدِ. وَالْعَهْدُ الْمَدَنِيُّ هُوَ ذَلِكُمْ الْعَهْدُ الَّذِي تَوَالَتْ فِيهِ التَّشْرِيعَاتُ الْعَمَلِيَّةُ بِكُل مَا تَحْمِلُهُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ. وَإِذَا كَانَ لَنَا أَنْ نَقُول فِي هَذَا الْعَهْدِ شَيْئًا فَإِنَّنَا نُقَرِّرُ أَنَّ دُعَاةَ الإِْصْلاَحِ عَلَى مَدَى الأَْزْمَانِ يَضَعُونَ نَظَرِيَّاتِهِمْ وَلاَ يَعِيشُونَ لِيَرَوْا ثَمَرَةَ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ، وَلَكِنَّ

1 / 24