Pensées de l'Imagination et Dictées de l'Émotion
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Genres
فلا قيدت شعري محابر منشد (1-8) محمد بك عثمان جلال
كان مولعا بالآداب العربية والإفرنجية، وقد تقلب في عدة وظائف إلى أن عين قاضيا بمحكمة مصر المختلطة، وترجم في أوائل أيامه حينما كان بنظارة الحربية بعض كتب عسكرية كما أشار بذلك قدري باشا في تقريظه كتاب «الأماني والمنة في حديث قبول وورد جنة»، ثم عكف على تعريب طائفة من مؤلفات بعض من مشاهير الشعراء والكتاب الفرنسيين، فمما ترجمه عن «كورنيي» رواية «أوراس» لم تطبع وهي محفوظة عند ورثته، ومما عربه عن «راسين» رواية «أتالي» ولم تطبع أيضا، ورواية «أستير، وإيفيجيني، وإسكندر الأكبر» وهذه الروايات الثلاثة مطبوعة في مجموعة واحدة باسم «الروايات المفيدة في علم التراجيده»، ومما ترجمه عن «موليير» رواية «ترتوف، والنساء العالمات، ومدرسة الأزواج، ومدرسة النساء» وهي مطبوعة في مجموعة سماها «الأربع روايات في فن التياترات»، وعرب «بول وفرجيني» للكاتب الفرنسي الشهير «بيرناردان دوسان بيير»، وأغلب حكايات «لافونتين» وسماها «العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ»، وقد امتاز في الأزجال هو وعبد الله أفندي نديم والشيخ محمد النجار، وكانت له ملكة راقية فيها تزينها فكاهات لطيفة ونكات ظريفة وبها كتب معظم معرباته، وله عدة أزجال متفرقة منها: «رواية المخدمين» وهي من وضعه، ونبذة في «تاريخ ولاة مصر» ابتداء من عهد محمد علي باشا إلى عصرنا هذا، وآخر في «المأكولات» وغيره في «الأزهار»، وقبل أن نفحص هذه التراجم نورد كلمة نعرف بها مزايا «راسين» و«موليير» ولو أنها لا تخفى على معظم القراء.
كان «راسين» من فحول الشعر الكلاسيك المحزن، وتختلف رواياته المحزنة «تراجيدي» عن روايات «كورنيي» برقتها وقربها من الحقيقة، مع سهولة مبنى الموضوع وبعده عن تعقد الحوادث، ويزين شعره فن رقيق وذوق سليم وروح مؤثرة تأخذ بمجامع القلوب، وغير خاف أن الشعر الكلاسيك عند الغربيين هو بمثابة الشعر الجاهلي عندنا، فاتت المعرب جميع هذه المزايا فلذلك عمد إلى تعريبه باللغة العامية مع تصرف عظيم، فجعله زجلا مضحكا ملؤه النكات والفكاهات المصرية المتداولة بين العامة.
أصبحت الترجمة لا تنفع مريد التمثيل، ولا محب الأدب، ولا كلفا بالحوادث والوقائع، ولا مغرما بالأزجال؛ لأنه خلط بين الجد والهزل والحزن والمزاح حتى صارت عاطلة من مزاياها الأدبية والنظمية والتمثيلية، ومن فكاهاته في رواية «إيفيجيني»:
لو كنت يوم دافعت عنها بهمتك
ماكنتش انذليت وصغرت عمتك
لا أب فيك رحمة ولا جوز تنشكر
إلا أنت واحد بربري مخك عكر
ويعد «موليير» أول من رقي التمثيل المضحك في فرنسا، ولم يباره في هذا الفن مبار لغاية عصرنا هذا، ولم تزل رواياته خالدة على جميع المسارح الأجنبية، كان يمثل الطباع والسجايا والعادات تمثيلا لا يفترق عن الحقيقة بشكل وحيد في بابه، تزين إنشاءه بلاغة نادرة وذوق رفيع، وقد أسعد اللغة العالية والمتداولة الاستعمال بأشعار وكلمات واصطلاحات ذهبت مذهب الأمثال.
فإن بحثنا عن شيء واحد من هذه المحاسن طي ترجمته لم نجده، وحاشا أن نعتبر أن هذه الأزجال تمثل لنا آيات «موليير» الباهرة، بل هو بريء منها؛ إذ في نسبتها إليه حطة وازدراء.
Page inconnue