مصيبة لم تقدر على المليم فكيف تقدر على التعريفة كاملا. - اذهب بي إلى آخر محطة يوصل إليها هذا التعريفة.
وأدرك الركاب الأزمة، وللأسف لم يكن الأتوبيس مزدحما، فكان كلامي يرن في أسماعهم جميعا، والتفتوا إلى صبي يرتدي من الملابس ما يدل على أنه ميسور الحال وليس معه إلا تعريفة، أي شعب عظيم هذا ، في لحظة واحدة سرت في الأتوبيس معان كثيرة كلها رفيعة وشريفة وجميلة، فأنا عند الكبير منهم ابن، وعند الصغير أخ، وتسارعوا جميعا إلي، منهم من يريد أن يدفع لي فآبى خجلا شاكرا، ومنهم من يريد أن يصحبني إلى البيت فيزداد خجلي، وأطلب إليهم في لعثمة أن يدلوني على طريق البيت فقط.
ويصل الأتوبيس عند شارع أحمد سعيد، ويأتي إلي الكمساري أن أنزل هنا، وينزل معي بعض الركاب، ويقومون جميعا بإرشادي إلى الطريق.
وأسير وأصل إلى شارع الجنزوري، وألتقي في منتصفه بإحسان عفيفي، عاد إلى الحياة من جديد بعد أن حلت المشكلة، كانت على وجهه ابتسامة معتذرة لا تغني شيئا. - أين أنت؟
واحتجزت دمعي حتى لا يراه، وذهبت إلى البيت وتلقاني أم عبده. - أنا أعرف أن القروش الخمسة التي أخذتها لم تكن لكتاب، أنت ذهبت إلى السينما.
لم ينقصني إلا أم عبده أيضا ... النهاية، ترى هل استفدت شيئا من البحث عن المليم؟ لا أظن.
خطاب من البريد
كتب إلي أحمد يوسف سعد من الإسكندرية خطابا على جانب كبير من الأهمية، فهو غاضب من أخبار متفرقة تظهر في الجرائد تنم عن الفوضى، ويعطي مثلا على ذلك أنه نشر في الأهرام منذ شهرين تقريبا، أن كافوري حضر كمستثمر، وعرض توريد سيارات ثلاجة لنقل سمك بحيرة ناصر، ورفض المسئولون بحجة أنهم لا يعانون اختناقات في نقل أسماك بحيرة ناصر، ثم عاد الأهرام بعد مضي فترة لا تتجاوز شهرا من نشر هذا الخبر فنشر أيضا: تجري الآن الجهات المسئولة البحث عن أسرع وسيلة لنقل سمك أسوان.
ولقد طلبت من قسم المعلومات في الأهرام أن يبحث عن هذين الخبرين فلم يوفق إلى ذلك، فلعل الأستاذ أحمد يوسف سعد يذكر لنا التاريخين حتى نتمكن من عرض هذه القصة التي أراها أنا غاية في الأهمية ... وأعتقد أن كثيرا من الشعب يرى ذلك معي.
حديث إلى الدكتور يوسف إدريس
Page inconnue