وأما دستؤفسكي فلأنه علمني التمييز الفني، وحملني على أن أفكر بقلبي وأحس بذهني وهذا واضح في قصته العالمية «الإخوة كرامازوف» وسائر مؤلفاته التي تجعل قارئها إنسانيا.
وأما نيتشه فلأنه علمني شيئا كثيرا عن الأخلاق، من حيث تاريخها وقيمتها وبشريتها.
وأما جوتيه فهو الشخصية المثلى التي أذكرها كلما ذكرت الرقي الشخصي والتوسع الذهني، بل هو الضمير الواخز الذي يبعثني على النهوض كلما ركدت أو يئست.
وأما روسو زعيم الحركة الرومانسية في أوروبا، فقد تأثرت به لأني لا أستطيع أن أفهم الثورة الفرنسية الكبرى وتطور الآداب والانقلاب الروسي بدونه، ودعوته إلى العودة إلى الطبيعة هي البذرة لعدد كبير من الحركات الاجتماعية والأدبية.
وأما داروين أبو التطور فحسبي ذكر اسمه.
وأما شو فلأني انتفعت بذهنه الصافي في التعليق مدى خمسين سنة على الحوادث السياسية والاجتماعية، فهو الصحفي الذي يدرس شئون هذا الكوكب بروح الاحترام الديني.
وأما ولز فقد وجهني الوجهة العالمية، وجعل الثقافة عندي عطشا لا يطفأ، وكثير من تفكيري يجري بلا وجدان على الأساليب الولزية.
وأما ماركس فحسبي أن أقول إنه لولاه لكنت أعد نفسي أميا لا أفهم مجرد قراءة الجريدة اليومية، بل لا أفهم كيف تنشأ العواطف والأخلاق وتتغير المجتمعات.
أما فرويد فقد فتح لنا أبوابا كانت مقفلة من الدراسة في السيكلوجية جعلتني طالبا أبديا لهذا العلم وبسطت لي عوالم جديدة. •••
لقد ذكرت هؤلاء العشرة كي أتوخى الإيجاز، ولو أطلت لجعلتهم مئة أو أكثر، ولكل قارئ ظروفه ومزاجه، ونصف القرن الماضي يختلف عن نصف القرن القادم، فلا بد أن يتغير البرنامج الثقافي للقارئ، وهو وحده القادر على الاختيار والإيثار للمؤلفين البذريين.
Page inconnue