2_ (( وإلى قياس عكس )). وهو: ما ثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علته. مثاله قولنا في قياس اشتراط الصيام في الاعتكاف على عدم اشتراط الصلاة فيه: لو لم يكن _ الصوم شرطا في الإعتكاف إذا قال علي لله أن أعتكف غدا، وأطلق _ لما كان الصوم من شرطه، وإن علق النذر بالإعتكاف بالصوم، لكنه شرط للإعتكاف عند النذر، فيكون شرطا له وإن لم ينذر بالصيام، كالصلاة فإنه قد ثبت فيها أن من قال: عليه لله أن يعتكف غدا، مثلا مطلقا أجزأ الاعتكاف بدون صلاة. كما أنه لو قيد النذر بالإعتكاف بالنذر بها فقال: عليه لله أن يعتكف غدا مصليا أجزأ بدونها. فالأصل الصلاة، والفرع الصيام، والحكم في الأصل عدم والوجوب بغير نذر، والعلة عدم وجوبه بالنذر. والمطلوب في الفرع وجوبه بغير نذر، والعلة وجوبه بالنذر، فثبت في الفرع نقيض حكم الأصل بنقيض علته. كما ترى. والله أعلم.
واعلم: أنه قد اختلف في التعبد بالقياس أي: هل يجوز من الله تعالى أن يوجب علينا العمل به، بأن يكون دليلا شرعيا يستدل به أم لا ؟ فعند الأكثر من الأمة: أنه قد ورد التعبد به عقلا وسمعا .
وقيل: عقلا فقط .
وقيل: سمعا فقط .فهو دليل شرعي .
وقيل: بل ورد الشرع بترك التعبد بالقياس فليس دليلا.
(( وقد شذ المخالف في كونه دليلا )) شرعيا، حيث قال: إنه ليس بطريق شرعي يعمل به لورود الشرع بتركه. (( وهو )) أي: قول المخالف إنه ليس بدليل (( محجوج )) أي: ممنوع (( بإجماع الصحابة )) على العمل به. فإنه تكرر فيهم وشاع وذاع ولم ينكر عليهم، (( إذ كانوا بين قائس وساكت سكوت رضى، والمسألة قطعية )) فكان ذلك إجماعا منهم على العمل به. إذ لو لم يكن السكوت عنها مع عدم التقية وكونها قطعية رضى بها لكان خطأ. كما تقدم. وبيان كونها قطعية أن إثبات القياس دليلا شرعيا كالكتاب والسنة أصل من أصول الشريعة، وأصول الشريعة لا يصح ثبوتها إلا بدليل قاطع، كصلاة سادسة ونحو ذلك .
Page 60