وفي الاصطلاح: (( حمل معلوم على معلوم بإجراء حكمه عليه بجامع )). قوله: معلوم على معلوم. يتناول جميع ما يجري فيه القياس.
وقوله: بإجراء حكمه عليه. يتناول القياس في الحكم الوجودي، والحكم العدمي.
وقوله: بجامع. يريد أي جامع كان، لأنه قد يكون حكما شرعيا، إثباتا أونفيا، كقولنا: الكلب نجس فلا يصح بيعه كالخنزير .وقولنا: النجس المغسول بالخل ليس بطاهر فلا تصح الصلاة فيه كالمغسول باللبن . وقد يكون وصفا عقليا كذلك. كقولنا: النبيذ مسكر فيكون حراما كالخمر، والصبي ليس بعاقل فلا يكلف كالمجنون. وهذا الحد أجود من غيره من الحدود المذكورة للقياس. خلا أنه لا يدخل فيه قياس العكس.
قيل: فأولى منه أن يقال: هو إثبات حكم أمر لغيره لشبه بينهما، أو نقيض لمخالفته، فيدخل حينئذ قياس العكس في هذا الحد. والله أعلم.
(( وينقسم القياس إلى:
1_ (( جلي )). وهو ما قطع بنفي الفارق فيه. وذلك كقياس الأمة على العبد في سراية العتق، والتقويم على معتق الشقص. لأن النص ورد في العبد، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( من اعتق شقصا له في عبد قوم عليه الباقي ). لأنا نعلم قطعا أنه لا فارق بينهما.وقد أجمعت الأمة على ذلك.لأن الذكورة والأنوثة في أحكام العتق مما لم يعتبره الشارع، ولا فارق إلا ذلك. ومثله قياس العبد على الأمة في تنصيف الحد في الزنا، فإنه ورد النص في الأمة، وهو قوله تعالى: { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب}. فأوجب على الأمة نصف ما على الحرة، فيقاس العبد عليها لأنه لم يذكر، وقد أجمعت الأمة على أنه لا فارق بين العبد والأمة في تنصيف الحد إلا الذكورة والأنوثة، وهي أيضا مما لم يعتبره الشارع في ذلك، فهذا قياس جلي كما ترى.
2_ (( وخفي )) وهو: نقيضه. أي: ما لم يقطع بنفي الفارق فيه، بل ظن فقط.
Page 57