وأما الراجعة إلى السامعين فأمران:
أحدهما: أن لا يكون السامع للخبر المتواتر عالما بمدلوله بالضرورة، فإنه إذا كان كذلك لم يفد التواتر علما. لامتناع تحصيل الحاصل. الثاني ذكره بعضهم، وهو: أن لا يكون السامع للمتواتر معتقدا لمدلول خلافه، إما لشبهة دليل، حيث يكون من العلماء، أو لتقليد، حيث يكون من العوام.فإن ارتسام ذلك في ذهنه واعتقاه له يمنع من قبول غيره.
ومن هذا ما ورد في الأثر: ( حبك للشيء يعمي ويصم ).
وقيل: إن هذا ليس بشرط.
ودليل حصول هذه الشروط هو: حصول العلم. فمتى أفاد الخبر بمجرد العلم، تحققنا أنه متواتر، وأن جميع شرائطه موجودة. وإن لم يفده علمنا عدم تواتره، أو فقدان شرط من شرائطه.كذا ذكره بعضهم فافهم ذلك. فهذه هي الشروط المعتبرة عند الأكثر.
وقد اشترط غير هذه الشروط. منها: الإسلام، والعدالة. والصحيح أنهما ليسا بشرط.ولهذا قال المصنف:
(( ويحصل )) العلم (( بخبر الفاسق والكافر )) فلا يشترط الإسلام، ولا العدالة، بدليل أنا نجد العلم الضروري بأخبار الملوك والبلدان، والنقلة غير ثقاة، وسواء جوزناها مؤمنين أم كفارا أم فساقا .
ومنها: اختلاف الدين والبلد والوطن والنسب .
ومنها: وجود الإمام المعصوم .
ومنها: دخول أهل الذل فيهم.
ومنها: كونهم بحيث لا بحصرهم عدد، ولا يحويها بلد.والصحيح أن هذه كلها ليست بشروط لما تقدم .
واعلم أن التواتر قد يكون لفظيا وهو ما تقدم، وقد يكون معنويا، وقد بينه بقوله:
Page 24