قال أبو بكرٍ غلامُ الخَلَّال: سألت ابنَ دريدٍ وأبا عبدِ الله بنَ عرفةَ عن الباء تُبَعِّضُ؟ فقالا: لا يعرف في اللغة أنها تبعض.
وقال ابن برهان: من زعم أن الباء تفيد التبعيض، فقد جاء أهلَ اللغة بما لا يعرفونه (١)، ولهذا يحسن أن تقول: امسح برأسك كلِّه، والشيء لا يؤكَّدُ بضده. وتقول: امسح ببعض رأسك، فتصرح بالبعض معها، ثم لو قدرنا أنها تردُ التبعيض، فقد ترد زائدة؛ كقوله:- تعالى -: ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ [المؤمنون: ٢٠]، ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، وكقولك: تزوجت بالمرأة، ونحو ذلك، فتصير الآية مجملةً.
وقد فسرها فعلُ وضوئه ﷺ؛ فإنه ثبتَ عنه مسحُ الكلِّ من رواية عبدِ الله بنِ زيدٍ (٢)، ومعاويةَ (٣)، وغيرهما، وترجم له البخاري باب: مسح الرأس كله، لقوله - تعالى -: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦]، قال: وسئل مالكٌ: أيجزئ أن يمسح على بعض رأسه؟ فاحتج بحديث عبد الله بن زيدٍ (٤)، ويأتي في كلام الحافظ - قدس الله روحه -.