فصل في تفسير قوله تعالى {فتقبلها ربها بقبول حسن} ... الآية [سورة آل عمران: 37] وفي الرد على القائلين بخلق القرآن.
قال رحمه الله: وعن التفعل في قوله تعالى: {فتقبلها ربها بقبول حسن} هو المطاوعة.
الجواب: إنه للتأكيد، أي قبلها قبولا عظيما بدل الذكر الصالح لخدمة بيت المقدس. ووجه ذلك أن من معاني التفعل العلاج، وما يعالج سيشتد فيه وليس في الآية للمطاوعة لأنها قبول الأثر، والله عز وجل لا يتأثر شيئا، لأن التأثر من صفات الخلق إلا على معنى أنه دعا أن يقبلها فأجاب. وفي عبارتك ما نصه: وهل قبول التأثير شرط في الأفعال المطاوعة كلها أو هو خاص بالفعل اه. ما هذه العبارة؟ وما مرادك؟
والعقلاء أربعة أقسام: الأول: من اعتقد أن ما هو سبب في العبادة يؤثر في طبعه وذاته واللازم عقلي، كالإحراق والري والشبع وهذا شرك إجماعا. الثاني: من اعتقد أنه يؤثر في المسبب بقوة أودعها الله عز وجل فيه، والتلازم بينهما عادي فقيل مشرك وقيل فاسق، وهو الصحيح، ولذلك لم يحكموا بشرك المعتزلة إذ قالوا إن الفاعل خالق لفعله الاختياري بقوة أودعها الله فيه، وهي القدرة الحادثة التي خلقها فيه، ولو قال قائل خلق الله عز وجل في الفاعل قدرة الله تعالى على الخلق لأشرك، والذي يظهر أن المعتزلة لم يشركوا مع قولهم ذلك لأنهم تأولوا، ولم يشركوا مواجهة بل زلة، وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا قولهم إن الله خلق في الفاعل قوة قادرة على الفعل مثل قول القائل: أن الله قادر أن يخلق الألوهية أو نحو ذلك من صفات الله تعالى في أحد، وخلق الله العلم بكل شيء في أحد أو نحو ذلك من الصفات.
Page 58