وقيل: القصيدة ليست لابن النضر بل لمخالف أودعها في الدعائم، وإنه ليس فيها بلاغة ابن النضر، وإنه قد قال: قلت جعل الله خلق كله، وقد قال الله عز وجل: {إنا جعلناه قرءانا عربيا} [سورة الزخرف: 3]، فمعناه خلقناه؛ لأن غالب جعله خلق، فليحمل على الغالب، بل كله خلق باعتبار المعقول الثاني. وفي بعض الأثر أنه لم ينكر سائر أصحابنا على من يقول من أصحابنا بقدمه لئلا ينتشر الخلاف والفتن، وهو ضعيف؛ لأن المسألة من الأصول عند التحقيق إذا رجعت إلى الكلام النفسي، وفي العقيدة: «ليس منا من قال: إن القرآن غير مخلوق»، فكيف يسوغ فيها السكوت عن الإنكار وقال أبو علي وابن محبوب وسليمان بن الحكم وأبو زيد الوضاح بن عقبة من أهل عمان والشيخ يوسف بن إبراهيم من المغاربة: إن المسألة من الفروع لا يقطع فيها العذر لمن قال بقدمه أو بخلقه أو بالوقوف.
وذكر صاحب الكشف والبيان أبو عبد الله محمد بن سعيد [القلهاتي] من أهل عمان أن القصيدة لابن النضر، وجزم هو بقدم القرآن، وذكر أبياتا من هذه القصيدة وأصحابنا العمانيون لم يقطعوا عذر من قال بخلقه، فدل على أنها ليست لابن النضر براءة ناظمها ممن قال بخلق القرآن، وقطع عذره وطعن فيه كما ترى فيها كثيرا.
وعنه: أما ولاية ابن النضر أو عدمها ومسألة خلق القرآن وقد ذكرتهن في شرح الدعائم وهو عندكم، ولا إشراك بدعوى قدم القرآن ولا مخالفة الأصول التي يقطع فيها العذر كقولهم صفات الله غيره ورؤيته، بل بالبراءة لأنهم تأولوا.
وعنه: واعلم يا أخي أن الحجة على قومنا أن تقولوا لهم: ما دليلكم على أن هذه الألفاظ التي نسميها قرآنا ليست قرآنا بل ترجمة القرآن، وإنما كلام القرآن كلام نفسي ولا دليل على <1/ 59> أنه ترجمة القرآن، فهو نفس القرآن، والله أعلم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
Page 57