ذلك لتبين الرتب، وجملة النفي حال من ضمير يحشروا وهي محل الخوف والمراد به المؤمنون العاصون. انتهى.
وقال عند قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا﴾ دل على أن الشافعة تكون للمؤمنين فقط قال الإمام الحافظ عماد الدين بن كثير عند قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ﴾ يقرر تعالى أنه لا إله إلا هو لأنهم معترفون أنه هو الذي خلق السماوات والأرض وهو ربها ومدبرها ومع هذا فقد اتخذوا من دون الله أولياء يعبدونهم وإنما عبد هؤلاء المشركون مع الله آلهة هم يعترفون أنها مخلوقة عبيد له كما كانوا يقولون في تلبيتهم لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، وكما أخبر عنهم قوله: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ فأنكر تعالى ذلك عليهم حيث اعتقدوا ذلك وهو تعالى لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ولا تنفع الشافعة عنده إلا لمن أذن له، ثم قد أرسل رسله من أولهم إلى آخرهم تزجرهم عن ذلك وتنهاهم عن عبادة من سوى الله فكذبوهم. انتهى.
والمقصود بيان شرك المشركين الذين قاتلهم رسول الله –ﷺ فإنهم ما أرادوا ممن عبدوا إلا التقرب إلى الله وطلب شفاعتهم عند الله وبيان أن طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم في الشدائد أنه من الشرك الذي كفر الله به المشركين وبيان أن الشفاعة كلها لله ليس لأحد معه من الأمر شيء وأنه لا شفاعة إلا بعد إذن الله وأنه تعالى لا يأذن إلا لمن رضي قوله وعمله وأنه لا يرضى إلا التوحيد كما تقدمت الأدلة الدالة على ذلك ومعلوم أن أعلى الخلق وأفضلهم وأكرمهم عند الله هم الرسل والملائكة المقربون وهم عبيد محض لا يسبقونه بالقول ولا يتقدمون بين يديه ولا يفعلون شيئًا إلا بعد إذنه لهم
1 / 49