فيقول له: قد وثقته وأمنته على سرائرنا؟ فيقول له: نعم، فيقول: قد وضعت عنك ذلك. ثم يقيم بعد مدة فيأتيه ذلك الداعي الملعون فيقول له: لقد عرفت ثلاث درجات فاعرف الطهارة وما هي وما معنى الجنابة ما هي في التأويل؟ فيقول: فسر لي ذلك؟ فيقول له: اعلم أن معنى الطهارة طهارة القلب، وأن المؤمن طاهر بذاته، والكافر النجس لا يطهره ماء ولا غيره، وأن الجنابة هي موالاة الأضداد، أضداد الأنبياء والأئمة، فأما المني فليس بنجس منه خلق الله الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة، وكيف يكون نجسا وهو مبدأ خلق الإنسان وعليه يكون أساس البنيان، فلو كان التطهير منه من أمر الدين لكان الغسل من الغائط والبول أوجب لأنهما نجسان، وإنما معنى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾، معناه فإن كنتم جهلة بالعلم الباطن فتعلموا واعرفوا العلم الذي هو حياة الأرواح كالماء الذي هو حياة الأبدان. قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ﴾. وقوله: ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾، فلما سماه الله بهذا دل على طهارته، ويوهمون ذلك المخدوع بهذه المقالة. ثم يأمره ذلك الداعي أن فيدفع اثني عشر دينارا ويقول: يا مولانا، عبدك فلان قد عرف معنى الطهارة الحقيقة، وهذا قربانه إليك. فيقول: اشهدوا أنني قد أحللت له ترك الغسل من الجنابة.
1 / 27