L'Église de la Grande Antioche (Première partie): 34-634 AD
كنيسة مدينة الله أنطاكية العظمى (الجزء الأول): ٣٤–٦٣٤م
Genres
27
والواقع أن هذه الحرب جاءت في السنتين 115-117، لا في السنة 107 كما تنص هذه الرواية المجهولة الراوي، وأن أفسابيوس والذهبي الفم لا يشيران إلى مثول أغناطيوس أمام الإمبراطور نفسه، وهنالك سبب آخر يجعلنا نشك في صحة هذه الرواية، وهو أن أغناطيوس نفسه يرجو المسيحيين في رومة ألا يسعوا لدى السلطات فيها لاستبدال الحكم بالموت بأي حكم آخر، فلو كان تريانوس نفسه قد حكم عليه بالموت، لكان حكمه مبرما لا يمكن تعديله في رومة.
ومما جاء في التقليد أيضا أن هذا الحكم الروماني وجه إلى أغناطيوس القول : أأنت تجسر كشيطان رجيم أن تخالفني في أوامري، وتغر الآخرين على هلاك نفوسهم؟ فأجاب أغناطيوس: ما من أحد غيرك سمى ثيوفوروس حامل الإله شيطانا رجيما، وعبيد الله ليسوا بأبالسة، والشياطين ترتعد منهم وتنهزم. فقال الحاكم مستدرجا: أتظن أننا لا نحوي في قلوبنا آلهة تقاتل عنا؟ فأجاب أغناطيوس غير هياب: إنك في غرور، فآلهتك ليسوا إلا أبالسة، فلا إله إلا الله الواحد القهار خالق السموات والأرض، ولا يوجد إلا يسوع المسيح وحده ابن الله الوحيد الذي أتوق إلى مملكته. فقال الحاكم: لعلك تعني يسوع الذي علقه بيلاطس على الصليب؟ فأجابه أغناطيوس: يجب أن يقال إن يسوع هذا علق الخطية وصانعها على الصليب، فأعطى الذين يحملونه في قلوبهم سلطانا لسحق الجحيم وقوته. فقال الحاكم: أنت إذن حامل يسوع في أحشائك؟ فقال أغناطيوس: لا ريب في ذلك؛ لأنه قيل أحل بينهم وأسير معهم. فحكم الحاكم في السادس من كانون الثاني سنة 107 بتكبيل أغناطيوس، وإرساله إلى رومة ليطرح للوحوش أمام الشعب، فهتف أغناطيوس: أشكرك يا رب؛ لأنك منحتني حبا كاملا لك، وشرفتني بالقيود التي شرفت بولس بها. ثم تقدم من تلقاء نفسه إلى القيود وصلى لأجل الكنيسة، واستودعها الله بدموع غزيرة، ثم أسلم نفسه للشرطة.
استشهاد حامل الإله
وانطلق أغناطيوس مصفدا بالأغلال يخفره عشرة جنود قساة، ويرافقه كل من الشهيدين روفوس
Rufus
وزوسيموس
Zosimus ، اللذين شملهما الحكم بالإعدام، وقام الجميع من أنطاكية إلى سلوقية التي على مصب العاصي، ثم أقلعوا إلى مرفأ من مرافئ قيليقية أو بمفيلية، ومنها إلى أزمير، وقضت ظروف السفر ببقائهم في هذه المدينة مدة من الزمن، فتعرف أغناطيوس إلى بوليكاربوس أسقف أزمير، وحرر منها عددا من الرسائل إلى كنائس آسية الصغرى واليونان ومقدونية، وهرعت أساقفة مغنيزية وأفسس وفيلادلفية في وفود كنائسها لاستقباله والتبرك به والتقاط درر تعاليمه، فاغترفوا من بحر إيمانه وإرشاده؛ وقد تجلت في رسائله روحه الرسولية، فلا يتمالك قارئها من الشعور في كل فقرة منها أن روح الله يتكلم بلسان هذا القديس العظيم.
28
وقام حامل الإله ورفيقاه من فيليبي إلى شاطئ الأدرياتيك، ومنه أبحروا إلى بوتيولي
Page inconnue