فأرعوى لذلك. وقال في نفسه: لقد أسأت فيما صنعت بهذا الفيلسوف، وضيعت واجب حقه؛ وحملني على ذلك سرعة الغضب. وقد قالت العلماء: أربعةٌ لا ينبغي أن تكون في الملوك: الغضب فإنه أجد الأشياء مقتًا؛ والبخل فإن صاحبه ليس بمعذورٍ مع ذات يده؛ والكذب فإنه ليس لأحدٍ أن يجاوره؛ والعنف في المحاورة فإن السفه ليس من شأنها. وإني أتي إلى رجل نصح لي، ولم يكن مبلغًا؛ فعاملته بضد ما يستحق، وكافأته بخلاف ما يستوجب. وما كان هذا جزاءه مني؛ بل كان الواجب أن أسمع كلامه، وأنقاد لما يشير به. ثم أنفذ في ساعته من يأتيه به. فلما مثل بين يديه قال له: يا بيدبا ألست الذي قصدت إلى تقصير همتي، وعجزت رأيي في سيرتي بما تكلمت به آنفًا؟ قال له بيدبا: أيها الملك الناصح الشفيق، والصادق الرفيق، إنما نبأتك بما فيه صلاحٌ لك ولرعيتك، ودوام ملكك لك، قال له الملك: يا بيدبا أعد علي
1 / 30