وطريق معرفتها : التواتر كالأرض والسماء والحر والبرد مما يعلم وضعه لمعناه والآحاد فيما لا يعلم وضعها لمعانيها [*]لا القياس كما سبق في بابه ولا العقل مستقلا فلا يكون وحده طريقا إليها لأن وضع لفظ [*] لمعنى معين من الممكنات والعقل لا يستقل بمعرفتها لأنه إنما يستقل بوجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات وأما وقوع أحد الجائزين فلا يهتدى إليه واللغات من هذا القبيل لأنها متوقفة على الوضع (وعرفية)منسوبة إلى العرف وهي ما وضعه أهل العرف العام سواء كان بوضع عرفي جديد لم يسبقه معنى لغوي أو بنقل عن معناه الأصلي إلى معنى آخر وغلب عليه وهجر الأول بحيث يدل عليه بلا قرينة وعلى الأول بها سواءا كان لمناسبة بينه وبين المعنى اللغوي فيكون منقولا أو لا فيكون مرتجلا كدابه لذات الأربع بعد أن كانت لما يدب على الأرض وكالقارورة لما يستقر فيه الشيء من الزجاج بعد أن كانت لكل ما يستقر فيه الشيء من إناء أو غيره وصفة النقل في العامة أن ينقل الاسم طائفة من الطوائف ويستفيض فيها (1) ويتعدى إلى غيرها ويشيع في الكل على طول الزمن ثم ينشأ من بعدهم مقتفيا أثرهم في استعماله ذلك المعنى لبعد تواطيء (2) أهل اللغة مع سعتهم على ذلك
ووجه حسن النقل العرفي أنه قد يحصل به غرض صحيح ولو قبح لم يقبح إلا لكونه عبثا لا غرض فيه فإذا حصل فيه غرض زال وجه القبح فحسن مثال ذلك : ما عرفناه في الغائط لما استهجنوا النطق باللفظ الموضوع له في الأصل نقلوا إليه اللفظ الموضوع على المكان الذي يوضع فيه وهو المكان الذي يوضع فيه المكان المطمئن عدولا عن المستسمج المستهجن وغير ذلك من الأغراض وإن جهلنا الوجه في بعض الألفاظ لم نقطع بأنه لا غرض فيه
(واصطلاحية) منسوبة إلى الإصطلاح وهي ما وضعه أناس مخصوصون بأن نقلوه من معناه الأصلي إلى معنى آخر وغلب عليه بينهم كاصطلاح النحاة في جعلهم الرفع علامة الفاعل وما أشبهه بعد أن كان في الأصل للارتفاع ضد الانخفاض وكاصطلاح علماء الكلام في جعلهم الجوهر للمتحيز بعد أن كان فيه للنفيس.
Page 293