Anciens et Modernes : études, critiques et discussions
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Genres
ويشتد الخصام والجدال فتخضب الجلسة بالدم، ثم تعقد ثانية وتختم بتسعة بنود نصها شيخ العلماء إنصافا للعمال، وفي أحدها وضع الضرائب على الدخل (ص42)، فقامت قيامة الرأسماليين، وبدسيسة منهم علق إعلان يحرض الشعب؛ فيثور وتحترق المدينة، فنجا حليم ورفيقه بسلم صنعاه من ستائر الفندق وسجاده، وتشارك الطبيعة البشر فتثور الزوابع وتنقض الصواعق، ويلجأ حليم ورفيقه إلى شجرة يتذريان بها من المطر والبرد، وينظران إلى خراب المدينة العظمى.
وهنا تظهر الفتيات الخمس راكبات، وفي وسطهن حسناء حليم ذات الحلة البيضاء كئيبة حزينة باكية، فيلاطفها حليم وبالاختصار يتزوجها، ورفيقه يتزوج أختها، وأخواتها الباقيات يجعلهن فرح أوفر حظا من بنتي لوط؛ فيستقدم ثلاثة من أصدقائه ليكونوا أزواجا لهن، ويعيد بنيان المدينة على أسس الرفق والإخاء.
لأمر ما جعل فرح الفتيات خمسا، أما أنا فما وفقت إلى فك هذا اللغز، وإلا فلماذا سلمن خمستهن وهو يعلم أن هذا غريب، أيعارض بهذا قصة لوط وبنتيه وولديهما من - أبيهما - موآب وعمون ؟
ومهما اجتهدنا تظل حسناء حليم أختا للمحترم «ظلانور »، ملزقة تلزيقا كالشوارب التي كنا نصنعها صغارا تشبها بالرجال، يوم كانوا يحلفون بشواربهم.
لا نعرض لهذا الكتاب بالنقد القصصي، فهو ليس قصة كما قلنا وكما يعترف فرح، ولكن خاتمته - إن كان قصة أو لم يكن - غريبة عجيبة لا تصدق، وإن رأينا لها شبيها في التوراة فما عند الله ليس عند الناس، والذي صنف قصة التوراة أخرج لوط وعائلته الكريمة قبل أن أحرق المدينتين بالنار والكبريت.
وبمناسبة الكلام عن هذا الكتاب نقول: لو عاد فرح ورأى ما نحن فيه اليوم لعقدنا وإياه مناحة يبلغ الجو خبرها، بل لم يجر مثلها اليهود على أسوار أورشليم.
ليت عينك ترى يا فرح، فالوطن عندنا هو الدين كما جاء في أورشليمك (ص147)، إن سياستنا في أيدي رجاله، صاروا ولاة أجسادنا كما هم أولياء النفوس، فعلينا العمل بقول بولس الرسول: أطيعوا مدبريكم واخضعوا لهم كأناس يؤدون حسابكم.
كان الدين صنم العالم أمس، أما اليوم فصنمه العلم، فباسم العلم والتمدن تستعمر الشعوب الضعيفة، أما في لبنان فباسم الدين غرقت البلاد في «الطائفية»، وأقرب الناس إلينا وأدراهم بنا يحسبوننا همجا يقضي عنا «رعاتنا» بالأمر، يمجدونهم لأجلنا وعلى حسابنا، إن مجد الله يكفيهم، فنحن نطلب العمل النافع لا هذه السخرية المبهمة والضحك الصامت.
طلبت كثيرا للشعب يا فرح، أما الشعب فشعاره: القناعة كنز لا يفنى، إنه لا يطلب إلا البركة والدعاء وملكوت الله وبره.
انتظروا هذا الملكوت، فلعله يأتيكم. (6) الوحش الوحش الوحش
Page inconnue