الدم واختلف في العذاب الأليم الذي يلحقه فقال فريق من العلماء منهم مالك هو كمن قتل ابتداء إن شاء الولي قتله وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة وقال قتادة وغيره يقتل البتة ولا عفو فيه وروي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى ولكم في القصاص حياة المعنى أن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم به أزدجر من يريد قتل أحد مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معا وأيضا فكانت العرب إذا قتل الرجل الآخر حمي قبيلهما وتقاتلوا وكان ذلك داعيا إلى موت العدد الكثير فلما شرع الله سبحانه القصاص قنع الكل به ووقف عنده وتركوا الاقتتال فلهم في ذلك حياة وخص أولوا الألباب بالذكر تنبيها عليهم لأنهم العارفون القابلون للأوامر والنواهي وغيرهم تبع لهم وتتقون معناه القتل فتسلمون من القصاص ثم يكون ذلك داعية لأنواع التقوى في غير ذلك فإن الله سبحانه يثيب على الطاعة بالطاعة وقوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت الآية كتب معناه فرض واثبت وفي قوله تعالى إذا حضر مجاز لأن المعنى إذا تخوف وحضرت علاماته والخير في هذه الآية المال واختلف في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة فقال ابن عباس وقتادة والحسن الآية عامة وتقرر الحكم بها برهة ونسخ منها كل من يرث بآية الفرائض وقال بعض العلماء أن الناسخ لهذه الآية هي السنة المتواترة وهو وقوله صلى الله عليه وسلم أن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث وبالمعروف معناه بالقصد الذي تعرفه النفوس دون إضرار بالورثة ولا تنزير للوصية وحقا مصدر مؤكد وخص المتقون بالذكر تشريفا للرتبة ليتبادر الناس إليها وقوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه الآية الضمير في بدله عائد على الإيصاء وأمر الميت وكذلك في سمعه ويحتمل أن يعود الذي في سمعه على أمر الله تعالى في هذه الآية والأول أسبق للناظر وسميع عليم صفتان لا يخفى معهما شيء من جنف الموصين وتبديل المتعدين والجنف الميل ومعنى الآية على ما قال مجاهد من خشي أن يحيف الموصى ويقطع ميراث طائفة ويتعمد الاذاية فذلك هو الجنف في إثم وإن لم يتعمد فهو الجنف دون إثم فالمعنى من وعظه في ذلك ورده عنه وأصلح ما بينه وبين ورثته وما بين الورثة في ذاتهم فلا أثم عليه أن الله غفور رحيم بالموصي إذا عملت فيه الموعظة ورجع عما أراد من الاذاية وقال ابن عباس غيره معنى الآية من خاف أي علم ورأى بعد موت الموصي أن الموصى حاف وجنف وتعمد أذاية بعض ورثته فأصلح مابين الورثة فلا إثم عليه وإن كان في فعله تبديل ما لأنه تبديل لمصلحة والتبديل الذي فيه الإثم إنما هو تبديل الهوى قوله جلت قدرته يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام الآية كتب معناه فرض والصيام في اللغة الإمساك ومنه قوله سبحانه إني نذرت للرحمن صوما وفي الشرع إمساك عن الطعام والشراب مقترنه به قرائن من مراعاة أوقات وغير ذلك وقوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم أختلف في موضع التشبيه قالت فرقة التشبيه كتب عليكم كصيام قد تقدم في شرع غيركم فالذين عام في النصارى وغيرهم ولعلكم ترج في حقهم وتتقون قيل على العموم لأن الصيام كما قال صلى الله عليه وسلم جنة ووجاء وسبب تقوى لأنه يميت الشهوات وأياما معدودات قيل رمضان وقيل الثلاثة الأيام من كل شهر ويوم عاشوراء التي نسخت بشهر رمضان ص وأياما منصوب بفعل مقدر يدل عليه ما قبله أي صوموا أياما وقيل أياما نصب على الظرف انتهى وقوله سبحانه فمن كان منكم مريضا أو على سفر التقدير فأفطر فعدة وهذا يسمونه فحوى الخطاب واختلف العلماء في حد المرض الذي يقع به الفطر فقال جمهور العلماء إذا كان به مرض يؤذيه ويؤلمه أو يخاف تماديه أو يخاف من الصوم تزيده صح له الفطر وهذا مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يناظرون وأما لفظ مالك فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به واختلف في الأفضل من الفطر أو الصوم ومذهب مالك استحباب الصوم لمن قدر عليه وتقصير الصلاة حسن لأن الذمة تبرأ في رخصة الصلاة وهي مشغولة في أمر الصيام والصواب المبادرة بالأعمال والسفر سفر الطاعة كالحج والجهاد بإجماع ويتصل بهذين سفر صلة الرحم وطلب المعاش الضروري وأما سفر التجارة والمباحات فمختلف فيه بالمنع والجواز والقول بالجواز أرجح وأما سفر العصيان فمختلف فيه بالجواز والمنع والقول بالمنع أرجح ومسافة سفر الفطر عند مالك حيث تقصر الصلاة ثمانية وأربعون ميلا وقوله تعالى فعدة أي فالحكم أو الواجب عدة وفي وجوب تتابعها قولان وأخر لا ينصرف للعدل وقوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية الآية قرأ باقي السبعة غير نافع وابن عامر فدية بالتنوين طعام مسكين بالإفراد وهي قراءة حسنة لانها بينت الحكم في اليوم واختلفوا في المراد بالآية فقال ابن عمر وجماعة كان فرض الصيام هكذا على الناس من أراد أن يصوم صام ومن أراد أن يفطر أطعم مسكينا وأفطر ثم نسخ ذلك بقوله سبحانه فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقالت فرقة الآية في الشيوخ الذين يطيقونه بتكلف شديد والآية عند مالك إنما هي فيمن يدركه رمضان ثان وعليه صوم من المتقدم فقد كان يطيق في تلك المدة الصوم فتركه والفدية عند مالك وجماعة من العلماء مد لكل مسكين وقوله تعالى فمن تطوع خيرا فهو خير له الآية قال ابن عباس وغيره المراد من أطعم مسكينين فصاعدا وقال ابن شهاب من زاد الإطعام مع الصوم وقال مجاهد من زاد في الإطعام على المد وخيرا الأول قد نزل منزلة مال أو نفع وخير الثاني والثالث صفة تفضيل وقوله تعالى إن كنتم تعلمون يقتضي الحض على الصوم أي فاعلموا ذلك وصوموا ت وجاء في فضل الصوم أحاديث صحيحة مشهورة وحدث أبوبكر بن الخطيب بسنده عن سهل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام يوما تطوعا لم يطلع عليه أحد لم يرض الله له بثواب دون الجنة قال وبهذا الإسناد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله انتهى قال ابن عبد البر في كتابه المسمى ببهجة المجالس قال أبو العالية الصائم في عبادة ما لم يغتب قال الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد البلالي الشافعي في اختصاره للأحياء وذكر السبكى في شرحه ان الغيبة تمنع ثواب الصوم إجماعا قال البلالي وفيه نظر لمشقة الاحتراز نعم ان اكثر توجهت المقالة انتهى وهذا الشيخ البلالي لقيته ورويت عنه كتابه هذا وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم قال أبو عمر في التمهيد وذلك لأن الصوم جنة يستجن بها العبد من النار وتفتح لهم أبواب الجنة لأن أعمالهم تزكو فيه وتقبل منهم ثم أسند أبو عمر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطهن أمة قبلها خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله لهم كل يوم جنته ثم يقول يوشك عبادي الصائمون أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ثم يصيرون إليك وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره ويغفر لهم آخر ليلة قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر قال لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا انقضى قال أبو عمر وفي سنده أبو المقدام فيه ضعف ولكنه محتمل فيما يرويه من الفضائل وأسند أبو عمر عن الزهري قال تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره انتهى ت وخرجه الترمذي عن الزهري قال تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره انتهى قوله تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان الشهر مشتق من الإشتهار قال ص الشهر مصدر شهر يشهر إذا ظهر وهو اسم للمدة الزمانية وقال الزجاج الشهر الهلال وقيل سمي الشهر باسم الهلال انتهى ورمضان علقه هذا الاسم من مدة كان فيها في الرمض وشدة الحر وكان اسمه قبل ذلك ناثرا واختلف في إنزال القرآن فيه فقال الضحاك أنزل في فرضه وتعظيمه والحض عليه وقيل بدىء بنزوله فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس فيما يأثر انزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة ليلة أربع وعشرين من رمضان ثم كان جبريل ينزله رسلا رسلا في الأوامر والنواهي والأسباب وروى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان والتوراة لست مضين منه والإنجيل لثلاث عشرة والقرآن لأربع وعشرين وهدى في موضع نصب على الحال من القرآن فالمراد أن القرآن بجملته من محكم ومتشابه ونساخ ومنسوخ هدى ثم شرف بالذكر والتخصيص البينات منه يعني الحلال والحرام والمواعظ والمحكم كله فالألف واللام في الهدى للعهد والمراد الأول قال ص هدى منصوب على الحال أي هاديا فهو مصدر وضع موضع اسم الفاعل وذو الحال القرآن والعامل انزل انتهى والفرقان المفرق بين الحق والباطل وشهد بمعنى حضر والتقدير من حضر المصر في الشهر فالشهر نصب على الظرف وقوله سبحانه يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر قال مجاهد والضحاك اليسر الفطر في السفر والعسر الصوم في السفر ع والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين وقد فسر ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم دين الله يسر قلت قال ابن الفاكهاني في شرح الأربعين للنووي فإن قلت قوله تعالى إن مع العسر يسرا الآية يدل على وقوع العسر قطعا وقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر يدل على نفي العسر قطعا لأن ما لا يريده تعالى لايكون بإجماع أهل السنة قلت العسر المنفي غير المثبت فالمنفي إنما هو العسر في الأحكام لا غير فلا تعارض انتهى وترجم البخاري في صحيحه قول النبي صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وكان يحب التخفيف واليسر على الناس ثم أسند هو ومسلم عن انس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يسروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا واسند البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي موسى ومعاذ يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا قال البخاري حدثنا أبو اليمان قال حدثنا حماد بن زيد عن الأزرق بن قيس قال كنا على شاطىء نهر بالأهواز قد نضب عنه الماء فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلى وخلى فرسه فانطلق الفرس فترك صلاته وتبعها حتى أدركها فأخذها ثم جاء فقضى صلاته وفينا رجل له رأي فأقبل يقول أنظروا إلى هذا الشيخ ترك صلاته من أجل فرس فأقبل فقال ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقال ان منزلي منزاح فلو صليت وتركته لم آت أهلى إلىالليل وذكر أنه قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم فرأى من تيسيره انتهى وقوله تعالى ولتكملوا العدة معناه وليكمل من أفطر في سفره أو في مرضه عدة الأيام التي أفطر فيها وقوله تعالى ولتكبروا الله حض علىالتكبير في آخر رمضان قال مالك هو من حين يخرج الرجل من منزله إلى أن يخرج الإمام إلى المصلى ولفظه عند مالك وجماعة من العلماء الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثا ومن العلماء من يكبر ويهلل ويسبح اثناء التكبير ومنهم من يقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وقيل غير هذا والجميع حسن واسع مع البداءة بالتكبير وهداكم قيل المراد لما ضل فيه النصارى من تبديل صيامهم وتعميم الهدى جيد ولعلكم تشكرون ترج في حق البشر أي على نعم الله في الهدى ص ولعلكم تشكرون علة الترخيص والتيسير وهذا نوع من اللف لطيف المسلك انتهى وقوله جل وعلا وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان الآية قال الحسن بن ابي الحسن سببها أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اقريب ربنا فنناجبه أم بعيد فنناديه فنزلت الآية وأجيب قال قوم المعنى أجيب إن شئت وقال قوم إن الله تعالى يجيب كل الدعاء فأما أن تظهر الإجابة في الدنيا وإما أن يكفر عنه وإما أن يدخر له أجر في الآخرة وهذا بحسب حديث الموطأ وهو ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث الحديث ت وليس هذا باختلاف قول قال ابن رشد في البيان الدعاء عبادة من العبادات يؤجر فيها الأجر العظيم أجيبت دعوته فيما دعا به أو لم تجب وها أنا انقل إن شاء الله من صحيح الأحاديث في هذا المحل ما يثلج له الصدر وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجزوا عن الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد رواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين وابن حبان في صحيحه واللفظ له وقال الحاكم صحيح الإسناد وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقف بين يديه فيقول عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك فهل كنت تدعوني فيقول نعم يا رب فيقول أما أنك لم تدعني بدعوة إلا استجبت لك أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك ففرجت عنك فيقول نعم يا رب فيقول فإني عجلتها لك في الدنيا ودعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا قال نعم يا رب فيقول اني أدخرت لك بها في الجنة كذا وكذا كذا وكذا ودعوتني في حاجة اقضيها لك في يوم كذا وكذا فقضيتها فيقول نعم يا رب فيقول فإني عجلتها لك في الدنيا ودعوتني في يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك فلم تر قضاءها فيقول نعم يا رب فيقول إني ادخرت لك في الجنة كذا وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون أدخر له في الآخرة قال فيقول المؤمن في ذلك المقام يا ليته لم يكن عجل له شيء من دعائه رواه الحاكم في المستدرك وعن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد القدر إلا الدعاء رواه الحاكم في المستدرك وابن حبان في صحيه واللفظ للحاكم وقال صحيح الاسناد قلت وقد أخرج ابن المبارك في رقائقه هذا الحديث أيضا قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن قيس عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد القضاء إلا الدعاء وأن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه انتهى وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغنى حذر من فدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل من السماء فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة رواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد وقوله فيعتلجان أي يتصارعان وعن سلمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء رواه الحاكم أيضا وقال صحيح الإسناد وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الجنة قال الغزالي رحمه الله في كتاب الأحياء فإن قلت فما فائدة الدعاء والقضاء لا يرد فأعلم أن القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب للرحمة كما أن الترس سبب لرد السهم ثم في الدعاء من الفائدة أنه يستدعي حضور القلب مع الله عز وجل وذلك منتهى العبادات فالدعاء يرد القلب إلى الله عز وجل بالتضرع والاستكانة فانظره فإني آثرت الاختصار وانظر سلاح المؤمن الذي منه نقلت هذه الأحاديث ومن جامع الترمذي عن أبي خزامة واسمه رفاعة عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وانظر جواب عمر لأبي عبيدة نعم نفر من قدر لله إلى قدر الله الحديث هو من هذا المعنى انتهى والله الموفق بفضله وقوله تعالى فليستجيبوا لي قال أبو رجاء الخراساني معناه فليدعوني قال ع المعنى فليطلبوا أن أجيبهم وهذا هو باب استفعل أي طلب الشيء إلا ما شذ مثل استغنى الله وقال مجاهد وغيره المعنى فليجيبوا لي فيما دعوتهم إليه من الإيمان أي بالطاعة والعمل فائدة قال صحاب غاية المغنم في اسم الله الأعظم وهو إمام عارف بعلم الحديث وكتابه هذا يشهد له قال ذكر الدينوري في كتاب المجالسة عن ليث بن سليم أن رجلا وقف على قوم فقال من عنده ضيافة هذه الليلة فسكت القوم ثم عاد فقال رجل أعمى عندي فذهب به إلى منزله فعشاه ثم حدثه ساعة ثم وضع له وضوءا فقام الرجل في جوف الليل فتوضأ وصلى ما قضي له ثم جعل يدعو فانتبه الأعمى وجعل يسمع لدعائه فقال اللهم رب الأرواح الفانية والأجساد البالية أسألك بطاعة الأرواح الراجعة إلى أجسادها وبطاعة الأجساد الملتئمة في عروقها وبطاعة القبور المتشققة عن أهلها وبدعوتك الصادقة فيهم وأخذك الحق منهم وتبريز الخلائق كلهم من مخافتك ينتظرون قضاءك ويرجون رحمتك ويخافون عذابك اسألك أن تجعل النور في بصري والإخلاص في عملي وشكرك في قلبي وذكرك في لساني في الليل والنهار ما ابقيتني قال فحفظ الأعمى هذا الدعاء ثم قام فتوضأ وصلى ركعتين ودعا به فأصبح قد رد الله عليه بصره انتهى من غاية المغنم في اسم الله الأعظم وإطلاق الفناء على الأرواح فيه تجوز والعقيدة أن الأرواح باقية لا تفنى وإنما عبر مفارقتها لأجسادها بالفناء هذا هو مراده وروى ابن المبارك في رقائقه بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن القلوب اوعية وبعضها أوعى من بعض فادعوا الله أيها الناس حين تدعون وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل انتهى قال ابن عطاء الله في لطائف المنن وإذا أراد الله أن يعطي عبدا شيئا وهبه الاضطرار إليه فيه فيطلبه بالاضطرار فيعطى وإذا أراد الله أن يمنع عبدا أمرا منعه الاضطرار إليه فيه ثم منعه إياه فلا يخاف عليك أن تضطر وتطلب فلا تعطى بل يخاف عليك أن تحرم الاضطرار فتحرم الطلب أو تطلب بغير اضطرار فتحرم العطاء انتهى وقوله سبحانه وليؤمنوا بي قال أبو رجاء في أني أجيب دعاءهم وقال غيره بل ذلك دعاء إلى الإيمان بجملته وقوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الآية لفظة أحل تقتضي أنه كان محرما قبل ذلك وليلة نصب على الظرف والرفث كناية عن الجماع لأن الله تعالى كريم يكنى قاله ابن عباس وغيره والرفث في غير هذا فحش من القول وقال أبو إسحق الرفث كل ما يأتيه الرجل مع المرأة من قبلة ولمس ع أو كلام في هذا المعنى وسبب هذه الآية فيما قال ابن عباس وغيره أن جماعة من المسلمين اختانوا أنفسهم واصابوا النساء بعد النوم أو بعد صلاة العشاء على الخلاف في ذلك منهم عمر بن الخطاب جاء إلى امرأته فأرادها فقالت له قد نمت فظن أنها تعتل بذلك فوقع بها ثم تحقق أنها قد كانت نامت وكان الوطء بعد نوم أحدهما ممنوعا فذهب عمر فاعتذر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل صدر الآية وروي أن صرمة بن قيس نام قبل الأكل فبقي كذلك دون أكل حتى غشي عليه في نهاره المقبل فنزل فيه من قوله تعالى وكلوا واشربوا واللباس أصله في الثياب ثم شبه التباس الرجل بالمرأة بذلك وتاب عليكم أي من المعصية التي وقعتم فيها قال ابن عباس وغيره باشروهن كناية عن الجماع وابتغوا ما كتب الله لكم قال ابن عباس وغيره أي ابتغوا الولد قال الفخر والمعنى لا تباشروهن لقضاء الشهوة فقط ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل قال عليه السلام تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم انتهى وقيل المعنى ابتغوا ليلة القدر وقيل ابتغوا الرخصة والتوسعة قال قتادة وهو قول حسن وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الآية نزلت بسبب صرمة بن قيس وحتى غاية للتبين ولا يصح أن يقع التبين لأحد ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر والخيط استعارة وتشبيه لرقة البياض اولا ورقة السواد الحاف به والمراد فيما قال جميع العلماء بياض النهار وسواد الليل ومن الأولى لابتداء الغاية والثانية للتبعيض والفجر مأخوذ من تفجر الماء لأنه ينفجر شيئا بعد شيء وروي عن سهل أن سعد وغيره من الصحابة أن الآية نزلت إلا قوله من الفجر فصنع بعض الناس خيطين أبيض وأسود فنزل قوله تعالى من الفجر ع وروي أنه كان بين طرفي المدة عام من رمضان إلى رمضان تأخر البيان إلى وقت الحاجة وعدي بن حاتم جعل خيطين على وساده وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له إن وسادك لعريض واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك فقال الجمهور وبه أخذ الناس ومضت عليه الامصار والاعصار ووردت به الأحاديث الصحاح أنه الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك وروي عن عثمان بن عفان وحذيفة بن اليمان وابن عباس وغيرهم أن الإمساك يجب بتبين الفجر في الطرق وعلى رؤوس الجبال وذكر عن حذيفة أنه قال تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو النهار إلا أن الشمس لم تطلع ومن أكل وهو يشك في الفجر فعليه القضاء عند مالك وقوله سبحانه ثم أتموا الصيام إلى الليل أمر يقتضي الوجوب وإلى غاية وإذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها فهو داخل في حكمه وإذا كان من غير جنسه لم يدخل في المحدود والليل الذي يتم به الصيام مغيب قرص الشمس فمن أفطر شاكا في غروبها فالمشهور من المذهب أن عليه القضاء والكفارة وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تعالى وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي واللفظ له حديث حسن ولفظ ابن ماجه حتى يفطر انتهى من السلاح وعنه صلى الله عليه وسلم أن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد رواه ابن السني انتهى من حلية النووي وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحه عند لقاء ربه رواه البخاري ومسلم انتهى وروى ابن المبارك في رقائقه قال أخبرنا حماد بن سلمة عن واصل مولى ابي عيينه عن لقيط ابي المغيرة عن أبي بردة أن أبا موسى الأشعري كان في سفينة في البحر مرفوع شراعها فإذا رجل يقول يا أهل السفينة قفوا سبع مرار فقلنا ألا ترى على أي حال نحن ثم قال في السابعة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه انه من عطش نفسه لله في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة فكان أبو موسى يبتغي اليوم الشديد الحر فيصومه انتهى قال يوسف بن يحيى التادلي في كتاب التشوف وخرج عبد الرزاق في مصنفه عن هشام بن حسان عن واصل بن لقيط عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال غزا الناس برا وبحرا فكنت ممن غزا في البحر فبينما نحن نسير في الحبر إذ سمعنا صوتا يقول يا أهل السفينة قفوا أخبركم فنظرنا يمينا وشمالا فلم نر شيئا إلا لجة البحر ثم نادى الثانية حتى نادى سبع مرات يقول كذلك قال أبو موسى فلما كانت السابعة قمت فقلت ما تخبرنا قال أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه أن من عطش لله في يوم حار أن يرويه الله يوم القيامة وذكره ابن حبيب في الواضحة بلفظ آخر انتهى قال ابن المبارك وأخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني قال حدثني ضمرة بن حبيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل شيء بابا وإن باب العبادة الصيام انتهى وروى البخاري ومسلم في صحيحهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به إنما يدع شهوته وطعامه من أجلي انتهى وقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد قالت فرقة المعنى ولا تجامعوهن وقال الجمهور ذلك يقع على الجماع فما دونه مما يتلذذ به من النساء وعاكفون أي ملازمون قال مالك رحمه الله وجماعة معه لا اعتكاف إلا في مساجد الجمعات وروي عن مالك أيضا أن ذلك في كل مسجد ويخرج إلى الجمعة كما يخرج إلى ضروري أشغاله قال ابن العربي في أحكامه وحرم الله سبحانه المباشرة في المسجد وكذلك تحرم خارج المسجد لأن معنى الآية ولا تباشروهن وأنتم ملتزمون للاعتكاف في المساجد معتقدون له انتهى وتلك إشارة إلى هذه الأوامر والنواهي والحدود الحواجز بين الإباحة والحظر ومنه قيل للبواب حداد لأنه يمنع ومنه الحاد لأنها تمنع من الزينة والآيات العلامات الهادية إلى الحق وقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الآية الخطاب لأمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويدخل في هذه الآية القمار والخدع والغصوب وجحد الحقوق وغير ذلك وقوله سبحانه وتدلوا بها إلى الحكام الآية يقال أدلى الرجل بحجة أو بأمر يرجو النجاح به تشبيها بالذي يرسل الدلو في البير يرجو بها الماء قال قوم معنى الآية تسارعون في الأموال إلى المخاصمة إذا علمتم أن الحجة تقوم لكم اما بأن لا تكون على الجاحد بينه أو يكون مال أمانة كاليتيم ونحوه مما يكون القول فيه قوله فالباء في بها باء السبب وقيل معنى الآية ترشوا بها على أكل أكثر منها فالباء الزاق مجرد وهذا القول يترجح لأن الحكام مظنة الرشى إلا من عصم وهو الأقل وايضا فإن اللفظين متناسبتان تدلوا من إرسال الدلو والرشوة من الرشاء كأنها يمد بها لتقضى الحاجة والفريق القطعة والجزء وبالأثم أي بالظلم وأنتم تعلمون أي أنكم مبطلون وقوله تعالى يسألونك عن الأهلة قال ابن عباس وغيره نزلت على سؤال قوم من المسلمين النبي صلى الله عليه وسلم عن الهلال وما فائدة محاقه وكماله ومخالفته لحال الشمس ومواقيت أي لمحل الديون وانقضاء العدد والأكرية وما أشبه هذا من مصالح العباد ومواقيت للحج أيضا يعرف بها وقته وأشهره وقوله سبحانه وليس البر الآية قال البراء بن عازب والزهري وقتادة سببها أن الأنصار كانوا إذا حجوا أو اعتمروا يلتزمون تشرعا أن لايحول بينهم وبين السماء حائل فكانوا يتسنمون ظهور بيوتهم على الجدرات وقيل كانوا يجعلون في ظهور بيوتهم فتوحا يدخلون منها ولا يدخلون من الأبواب وقيل غير هذا مما يشبهه وقوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله الآية هي أول آية نزلت في الأمر بالقتال قال ابن زيد والربيع قوله ولا تعتدوا أي في قتال من لم يقاتلكم وهذه الموادعة منسوخة بقوله تعالى وقاتلوا المشركين كافة وقال ابن عباس وغيره ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم فهي محكمة وقوله تعالى واقتلوهم حيث ثقفتموهم الآية قال ابن إسحاق وغيره نزلت هذه الآية في شأن عمرو بن الحضرمي وواقد وهي سرية عبد الله ابن جحش وثقفتموهم معناه احكمتم غلبتهم يقال رجل ثقف لقف إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور واخرجوهم خطاب لجميع المؤمنين والضمير لكفار قريش والفتنة أشد من القتل أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموكم بها على الرجوع إلى الكفر أشد من القتل ويحتمل أن يكون المعنى والفتنة أي الكفر والضلال الذي هم فيه اشد في الحرم واعظم جرما من القتل الذي عيروكم به في شأن ابن الحضرمي وقوله تعالى ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام الآية قال الجمهور كان هذا ثم نسخ وقال مجاهد الآية محكمة ولا يجوز قتال احد يعنى عند المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل قلت وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم وإنما احلت لى ساعة من النهار ولم تحل لأحد بعدى يقوى قول مجاهد وهذا هو الراجح عند الإمام الفخر وان الآية محكمة ولا يجوز الابتداء بالقتال في الحرم انتهى قال ابن العربي في احكامه وقد روى الأئمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة ان هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والارض فهو حرام بحرمة الله تعالى الى يوم القيامة وانه لم يحل القتال فيها لأحد قبلى وانما احلت لى ساعة من نهار فقد ثبت النهي عن القتال فيها قرءانا وسنة فإن لجأ إليها كافر فلا سبيل اليه واما الزانى والقاتل فلا بد من اقامة الحد عليه إلا أن يبتدىء الكافر بالقتال فيها فيقتل بنص القرءان انتهى وقرأ حمزة والكساءي ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه فان قتلوكم فاقتلوهم أي فإن قتلوا منكم والانتهاء في هذه الآية هو الدخول في الاسلام وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله الفتنة هنا الشرك وما تابعه من اذى المؤمنين قاله ابن عباس وغيره والدين هنا الطاعة والشرع والانتهاء في هذا الموضع يصح مع عموم الآية في الكفار ان يكون الدخول في الاسلام ويصح ان يكون اداء الجزية وقوله تعالى الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص الآية قال ابن عباس وغيره نزلت في عمرة القضية وعام الحديبية سنة ست حين صدهم المشركون أي الشهر الحرام الذي غلبكم الله فيه وادخلكم الحرم عليهم سنة سبع بالشهر الحرام الذي صدوكم فيه والحرمات قصاص وقالت فرقة قوله والحرمات قصاص مما قبله وهو ابتداء امر كان في اول الاسلام ان من انتهك حرمتك نلت منه مثل ما اعتدى عليك واتقوا الله قيل معناه في ان لا تعتدوا وقيل في ان لا تزيدوا على المثل وقوله تعالى وانفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة الآية سبيل الله هنا الجهاد واللفظ يتناول بعد جميع سبله وفي الصحيح أن أبا أيوب الانصاري كان على القسطنطينية فحمل رجل على عسكر العدو فقال قوم ألقى هذا بيده الى التهلكة فقال أبو أيوب لا إن هذه الآية نزلت في الانصار حين ارادوا لما ظهر الإسلام ان يتركوا الجهاد ويعمروا اموالهم واما هذا فهو الذي قال الله تعالى فيه ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله وقال ابن عباس وحذيفة بن اليمان وجمهور الناس المعنى لا تلقوا بايديكم بأن تتركوا النفقة في سبيل الله وتخافوا العيلة واحسنوا قيل معناه في اعمالكم بامتثال الطاعات روي ذلك عن بعض الصحابة وقيل المعنى واحسنوا في الإنفاق في سبيل الله وفي الصدقات قاله زيد بن اسلم وقال عكرمة المعنى واحسنوا الظن بالله عز وجل ت ولا شك ان لفظ الآية عام يتناول جميع ما ذكر والمخصص يفتقر الى دليل فاما حسن الظن بالله سبحانه فقد جاءت فيه احاديث صحيحة فمنها أنا عند ظن عبدي بي وفي صحيح مسلم عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بثلاثة ايام يقول لا يموتن احدكم إلا وهو يحسن الظن بالله انتهى واخرج أبو بكر بن الخطيب بسنده عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حسن عبادة المرء حسن ظنه انتهى قال عبد الحق في العاقبة اما حسن الظن بالله عز وجل عند الموت فواجب للحديث انتهى ويدخل في عموم الآية انواع المعروف قال أبو عمر ابن عبد البر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة قال ابو جزء الجهيمى قلت يا رسول الله أوصنى قال لا تحقرن شيأ من المعروف ان تأتيه ولو ان تفرغ من دلوك في اناء المستسقى ولو ان تلقى اخاك ووجهك منبسط اليه وقال عليه السلام اهل المعروف في الدنيا هم اهل المعروف في الآخرة وقال عليه السلام ان لله عبادا خلقهم لحوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة انتهى من كتابه المسمى ببهجة المجالس وأنس المجالس وقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله قال ابن زيد وغيره اتمامهما ان لا تفسخا وان تتمهما اذا بدأت بهما وقال ابن عباس وغيره اتمامهما ان تقضي مناسكهما كاملة بما كان فيهما من دماء وقال سفيان الثورى اتمامهما ان تخرج قاصدا لهما لا لتجارة ولا لغير ذلك ويؤيد هذا قوله لله وفروض الحج النية والإحرام والطواف المتصل بالسعي يعنى طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة عندنا خلافا لأبي حنيفة والوقوف بعرفة وزاد ابن الماجشون جمرة العقبة وقوله تعالى فان احصرتم فما استيسر من الهدي هذه الآية نزلت عام الحديبية عند جمهور اهل التاويل واجمع جمهور الناس على أن المحصر بالعدو يحل حيث أحصر وينحر هديه ان كان ثم هدي ويحلق رأسه وأما المحصر بمرض فقال مالك وجمهور من العلماء لا يحله الا البيت ويقيم حتى يفيق وإن أقام سنين فإذا وصل البيت بعد فوت الحج قطع التلبية في أوائل الحرم وحل بعمرة ثم تكون عليه حجة قضاء وفيها يكون الهدي وما في موضع رفع أي فالواجب أو فعليكم ما استيسر وهو شاة عند الجمهور وقال ابن عمر وعروة جمل دون جمل وبقرة دون بقرة وقوله تعالى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله الخطاب لجميع الأمة وقيل للمحصرين خاصة ومحل الهدي حيث يحل نحره وذلك لمن لم يحصر بمنى والترتيب أن يرمي الحاج الجمرة ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف للافاضة وقوله تعالى فمن كان منكم مريضا الآية المعنى فحلق لإزالة الأذى ففدية وهذا هو فحوى الخطاب عند أكثر الأصوليين ونزلت هذه الآية في كعب بن عجرة حين رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يتناثر قملا فأمره بالحلاق ونزلت الرخصة والصيام عند مالك وجميع أصحابه ثلاثة أيام والصدقة ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وذلك مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم والنسك شاة بإجماع ومن أتى بأفضل منها ما يذبح أو ينحر فهو أفضل والمفتدي مخير في أي هذه الثلاثة شاء حيث شاء من مكة وغيرها قال مالك وغيره كلما أتى في القرآن أو أو فإنه على التخيير وقوله تعالى فإذا أمنتم أي من العدو المحصر قاله ابن عباس وغيره وهو أشبه باللفظ وقيل معناه إذا برأتم من مرضكم وقوله سبحانه فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية قال ابن عباس وجماعة من العلماء الآية في المحصرين وغيرهم وصورة المتمتع أن تجتمع فيه ستة شروط أن يكون معتمرا في أشهر الحج وهو من غير حاضري المسجد الحرام ويحل وينشيء الحج من عامة ذلك دون رجوع إلى وطنه أو ما ساواه بعدا هذا قول مالك وأصحابه واختلف لم سمي متمتعا فقال ابن القاسم لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حلة في العمرة إلى وقت انشائه الحج وقال غيره سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين وذلك أن حق العمرة أن تقصد بسفر وحق الحج كذلك فلما تمتع بإسقاط أحدهما الزمه الله تعالى هديا كالقارن الذي يجمع الحج والعمرة في سفر واحد وجل الأمة على جواز العمرة في أشهر الحج للمكي ولآدم عليه وقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج يعني من وقت يحرم إلى يوم عرفة فإن فاته صيامها قبل يوم النحر فليصمها في أيام التشريق لأنها من أيام الحج وسبعة إذا رجعتم قال مجاهد وغيره أي إذا رجعتم من منى وقال قتادة والربيع هذه رخصة من الله سبحانه والمعنى إذا رجعتم إلى أوطانكم ولما جاز أن يتوهم متوهم التخيير بين ثلاثة أيام في الحج أو سبعة إذا رجع أزيل ذلك بالجلية من قوله تعالى تلك عشرة وكاملة قال الحسن بن أبي الحسن المعنى كاملة الثواب وقيل كاملة تأكيد كما تقول كتبت بيدي وقيل لفظها الأخبار ومعناها الأمر أي أكملوها فذلك فرضها وقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله الآية الإشارة بذلك على قول الجمهور هي إلى الهدي أي ذلك الأشتداد والإلزام وعلى قول من يرى أن المكي لا تجوز له العمرة في أشهر الحج تكون الإشارة إلى التمتع وحكمه فكأن الكلام ذلك الترخيص لمن لم ويتأيد هذا بقوله لمن لم لأن اللام أبدا إنما تجيء مع الرخص واختلف الناس في حاضري المسجد الحرام بعد الإجماع على أهل مكة وما اتصل بها فقيل من تجب عليه الجمعة بمكة فهو حضري ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي قال ع فجعل اللفظة من الحضارة والبداوة وقيل من كان بحيث لا يقصر الصلاة فهو حاضر أي مشاهد ومن كان أبعد من ذلك فهو بدوي قال ع فجعل اللفظة من الحضارة والبداوة وقيل من كان بحيث لا يقصر الصلاة فهو حاضر أي مشاهد ومن كان أبعد من ذلك فهو غائب وقال ابن عباس ومجاهد أهل الحرم كله حاضرو المسجد الحرام ثم أمر تعالى بتقواه على العموم وحذر من شديد عقابه وقوله تعالى الحج أشهر معلومات فى الكلام حذف تقديره اشهر الحج اشهر او وقت الحج اشهر معلومات قال ابن مسعود وغيره وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة كله وقال ابن عباس وغيره هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة والقولان لمالك رحمه الله فمن فرض فيهن الحج أي الزمه نفسه وفرض الحج هو بالنية والدخول في الإحرام والتلبية تبع لذلك وقوله تعالى فيهن ولم يجيء الكلام فيها فقال قوم هما سواء في الاستعمال وقال ابو عثمان المازني الجمع الكثير لما لا يعقل يأتي كالواحدة المؤنثة والقليل ليس كذلك تقول الاجذاع انكسرن والجذوع انكسرت ويؤيد ذلك قوله تعالى إن عدة الشهور عند الله ثم قال منها وقوله تعالى فلا رفث ولا فسوق الآية وقرأ ابن كثير وأبو عمرو فلا رفث ولا فسوق ولا جدال بالرفع في الاثنين ونصب الجدال ولا بمعنى ليس في قراءة الرفع والرفث الجماع في قول ابن عباس ومجاهد ومالك والفسوق قال ابن عباس وغيره هي المعاصي كلها وقال ابن زيد ومالك الفسوق الذبح للأصنام ومنه قوله تعالى أو فسقا أهل لغير الله به والأول أولى قال الفخر وأكثر المحققين حملوا الفسق هنا على كل المعاصي قالوا لأن اللفظ صالح للكل ومتناول له والنهي عن الشيء يوجب الانتهاء عن جميع أنواعه فحمل اللفظ على بعض أنواع الفسوق تحكم من غير دليل انتهى قال ابن عباس وغيره الجدال هنا أن تماري مسلما وقال مالك وابن زيد الجدال هنا أن يختلف الناس أيهم صادق موقف إبراهيم عليه السلام كما كانوا يفعلون في الجاهلية قلت ومعنى الآية فلا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا كقوله صلى الله عليه وسلم والصوم جنة فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم الحديث انتهى قال ابن العربي في أحكامه قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق أراد نفيه مشروعا لا موجودا فإنا نجد الرفث فيه ونشاهده وخبر الله سبحانه لا يقع بخلاف مخبره انتهى قال الفخر قال القفال ويدخل في هذا النهي ما وقع من بعضهم من مجادلة النبي صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة فشق عليهم ذلك وقالوا أنروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا الحديث انتهى وقوله تعالى وما تفعلوا من خير يعلمه الله المعنى فيثيب عليه وفي هذا تحضيض على فعل الخير ت وروى أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء رواه الترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه بهذا اللفظ انتهى من السلاح ونحو هذا جوابه صلى الله عليه وسلم للمهاجرين حيث قالوا ما رأينا كالأنصار وأثنوا عليهم خيرا وقوله سبحانه تزودوا فإن خير الزاد التقوى الاية قال ابن عمر وغيره نزلت الآية في طائفة من العرب كانت تجيء إلى الحج بلا زاد ويبقون عالة على الناس فأمروا بالتزود وقال بعض الناس المعنى تزودوا الرفيق الصالح وهذا تخصيص ضعيف والأولى في معنى الآية وتزودوا لمعادكم من الأعمال الصالحة قلت وهذا التأويل هو الذي صدر به الفخر وهو الظاهر وفي قوله فإن خير الزاد التقوى حض على التقوى وقوله تعالى ليس عليكم جناح الآية الجناح أعم من الإثم لأنه فيما يقتضي العقاب وفي ما يقتضي الزجر والعتاب وتبتغوا معناه تطلبوا أي لادرك في أن تتجروا وتطلبوا الربح وقوله تعالى فإذا أفضتم من عرفات اجمع أهل العلم على تمام حج من وقف بعرفات بعد الزوال وأفاض نهارا قبل الليل إلا مالك بن أنس فإنه قال لا بد أن يأخذ من الليل شيئا وأما من وقف بعرفة ليلا فلا خلاف بين الأمة في تمام حجه وأفاض القوم أو الجيش إذا اندفعوا جملة واختلف في تسميتها عرفة والظاهر أنه اسم مرتجل كسائر اسماء البقاع وعرفة هي نعمان الأراك والمشعر الحرام جمع كله وهو ما بين جبلي المزدلفة من حد مفضي مأزمي عرفة إلى بطن محسر قاله ابن عباس وغيره فهي كلها مشعر إلا بطن محسر كما أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرفة بفتح الراء وضمها روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عرفة كلها موقف إلا بطن عرفة والمزدلفة كلها مشعر إلا وارتفعوا عن بطن محسر وذكر هذا عبد الله ابن الزبير في خطبته وذكر الله تعالى عند المشعر الحرام ندب عند أهل العلم قال مالك ومن مربه ولم ينزل فعليه دم وقوله تعالى واذكروه كما هداكم تعديد للنعمة وأمر بشكرها ص كما هداكم الكاف للتشبيه وهو في موضع نصب على النعت لمصدر محذوف وما مصدرية أي كهدايته فتكون ما وما بعدها في موضع جر إذ ينسبك منها مع الفعل مصدر ويحتمل أن تكون للتعليل على مذهب الأخفش وابن برهان وجوز ابن عطية وغيره أن تكون ما كافة للكاف عن العمل والأول اولى لأن فيه إقرار الكاف على عملها الجر وقد منع صاحب المستوفى أن تكون الكاف مكفوفة بما واحتج من أثبته بقوله ... لعمرك إنني وأبو حميد ... كما النسوان والرجل الحليم ...
... أريد هجاءه وأخاف ربي ... واعلم أنه عبد لئيم ...
Page 157