169

قل أرأيتم مآ أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءآلله أذن لكم أم على الله تفترون

[يونس: 59].

وأما السنة فقد استدلوا بما أخرجه ابن ماجة وأبو نعيم والديلمي من حديث صفوان ابن أمية، قال:

" جاء عمرو بن قرة فقال: يا رسول الله؛ إن الله قد كتب علي الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي، فأذن لي في الغناء من غير فاحشة، فقال صلى الله عليه وسلم: " لا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله، لقد رزقك الله تعالى رزقا حلالا طيبا فاخترت ما حرم الله تعالى عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله " ".

وأما مدلول الكلمة فمن حيث إن الله عز وجل منع عباده من الحرام وتوعدهم عليه وأمر بزجرهم عنه، لا يصح أن يقال إنه رزقهم إياه كما لا يقال رزق السلطان جنده مالا وقد منعهم من أخذه، وأجيب عن تمسكهم بالآيات بأن الاسم قد يخص ببعض أفراد مدلولاته في الاستعمال لأجل التنويه والتشريف كما في قوله تعالى:

إن عبادي ليس لك عليهم سلطان

[الحجر: 42]، وقوله:

عينا يشرب بها عباد الله

[الانسان: 6]، فقد خص لفظ العباد في الآيتين بالمتقين، وإن كان بحسب مدلوله يشمل المتقين والفجار فإن الكل عباده عز وجل، وإنما خص بالمتقين في الآيتين تشريفا لهم وتنويها بقدرهم، وكذلك إطلاق الرزق في الآيات التي تعلق بها المعتزلة على الحلال وحده، إنما هو من هذا الباب ومنه قول الداعي: يا خالق العرش والكرسي والشمس والقمر، دون يا خالق الخنازير والكلاب، مع أن الكل من خلقه تعالى. وأما الحديث فهو أدل على خلاف ما ذهبوا إليه، لأن قوله صلى الله عليه وسلم:

" فاخترت ما حرم الله عليك من رزقه "

Page inconnue