الثاني - «ضعف التأليف» أن يكون الكلام جاريًا على خلاف ما اشُتهر من قوانين النحو المعتبرة عند جُمهور العلماء - كوصل الضميرين، وتقديم غير الأعراف منهما على الأعرف- مع أنه يجب الفصل في تلك الحالة - كقول المتنبي:
خَلتِ البلادُ من الغزالةِ ليلَهَا فأعاضهَاكَ اللهُ كي لا تحزنا
وكالإضمار قبل ذكر مرجعه لفظا وَرتُبة وحكما في غير أبوابه (١) نحو
ولو أن مَجدًا أخلدَ الدهرَ واحدًا من الناس أبقى مجده الدهر (مطعما) (٢) .
الثالث - «التعقيد اللفظي» هو كون الكلام خفيّ الدّلالة على المعنى المراد به - بحيث تكون الألفاظ غير مُرتبة على وفق ترتيب المعاني.
(وينشأ ذلك التّعقيد من تقديم أو تأخير أو فصل بأجنبي بين الكلمات التي يجب أن تتجاور ويتصل بعضها ببعض) (٣) وهو مذموم: لأنه يُوجب
_________
(١) المجموعة في قول بعضهم
ومرجع الضمير قد تأخرا لفظًا ورتبة وهذا حصرا
في باب نعم وتنازع العمل ومضمر الشأن ورب والبدل
ومبتدأ مفسر بالخبر وباب فاعل يخلف فاخبر
واعلم أن ضعف التأليف ناشى، من العدول عن المشهور إلى قول له صحة عند بعض أولى النظر - أما إذا خالف المجمع عليه كجر الفاعل ورفع المفعول ففاسد غير معتبر، والكلام في (تركيب له صحة واعتبار) .
(٢) فان الضمير في من (مجده) راجع إلى (مطعما) وهو متأخر في اللفظ كما يرى، وفي الرتبة لأنه مفعول به، فالبيت غير فصيح لمخالفته قواعد النحو.
ومطعم أحد رؤساء المشركين وكان يدافع عن النبي ﷺ، ومعنى البيت أنه لو كان مجد الانسان سببا لخلوده في هذه الدنيا لكان (مطعم ابن عدي) أولى الناس بالخلود لأنه حاز من المجد ما لم يحزه غيره - على يد صاحب الشريعة..
(٣) وذلك كالفصل بأجنبي بين الموصوف والصفة، وبين البدل والمبدل منه وبين المبتدأ والخبر، وبين المستثنى والمستثنى منه، مما يسبب ارتباكا واضطرابًا شديدًا.
1 / 33