عليهم﴾ هم المشار إليهم بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (١) الآيتين، وأن ﴿الضالين﴾ هم المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (٢) الآيات؛ وذلك لأنهم ضلوا الطريق، فلا يعرفون كيف يسيرون، والمغضوب عليهم ساروا على الطريق المعوج، وهم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ [البقرة: ١٨ و١٧١]، لم تنفعهم هداية الحواس شيئًا، ولم يريدوا هداية الدين، فخرجوا عن الحق مع العلم به، ورفضوا اتباعه ولم يتقبلوه انصرافًا عن الدليل، وساروا بسير الأسلاف وإن كانوا على غير هدى، فعمهم الله بآثار غضبه التي هي العقوبة والانتقام.
وأما الضالون فكانوا مع هؤلاء، ومع هؤلاء، أي: ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ [النساء: ١٤٣].
وفي الآية إشارة إلى أن طريق المنعم عليهم واحد، منذ أرسل الله الرسل، إلى يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]: وأن طريق غيرهم متشعب متعدد كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] وقيل: ﴿المغضوب عليهم﴾، هم: الذين ظهرت منهم المراغمة، وتعمد المخالفة الموجب للغضب من الأعلى، والبغض من الأدنى، و﴿الضالين﴾: الذين وُجّهوا وجهة هدى، فراغوا عنها من غير تعمد لذلك.
وقول: "آمين" مأخوذة من الأمين، مدلولها أن المدعوّ مأمون منه أن يرد من دعاه، لأنه لا يعجزه شيء ولا يمنعه، وهي لا تصلح إلا لله، لأن ما دونه لا ينفك عن عجز أو منع.
_________
(١) سورة البقرة وتمامها: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾.
(٢) سورة البقرة وتمامها: ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)﴾.
1 / 46