140

Le Jami' des règles du Coran

الجامع لاحكام القرآن

Chercheur

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Maison d'édition

دار الكتب المصرية

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Lieu d'édition

القاهرة

وَالْقَلْبِ، وَالْحَمْدُ إِنَّمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ خَاصَّةً. وَقِيلَ: الْحَمْدُ أَعَمُّ، لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الشُّكْرِ وَمَعْنَى الْمَدْحِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ، لِأَنَّ الْحَمْدَ يُوضَعُ مَوْضِعَ الشُّكْرِ وَلَا يُوضَعُ الشُّكْرُ مَوْضِعَ الْحَمْدِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ كُلِّ شَاكِرٍ، وَإِنَّ آدَمَ ﵇ قَالَ حِينَ عَطَسَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَالَ اللَّهُ لِنُوحٍ ﵇:" فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" «١» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ﵇:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ" «٢». وَقَالَ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ:" وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ" «٣». وَقَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ:" وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا" «٤». وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ:" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ" «٥»." وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" «٦». فَهِيَ كَلِمَةُ كُلِّ شَاكِرٍ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْحَمْدَ ثَنَاءٌ عَلَى الْمَمْدُوحِ بِصِفَاتِهِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ إِحْسَانِ، وَالشُّكْرِ ثَنَاءٌ عَلَى الْمَشْكُورِ بِمَا أَوْلَى مِنَ الْإِحْسَانِ «٧». وَعَلَى هَذَا الْحَدِّ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: الْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشُّكْرِ، لِأَنَّ الْحَمْدَ يَقَعُ عَلَى الثَّنَاءِ وَعَلَى التَّحْمِيدِ وَعَلَى الشُّكْرِ، وَالْجَزَاءُ مَخْصُوصٌ إِنَّمَا يَكُونُ مُكَافَأَةً لِمَنْ أَوْلَاكَ مَعْرُوفًا، فَصَارَ الْحَمْدُ أَعَمَّ فِي الْآيَةِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الشُّكْرِ. وَيُذْكَرُ الْحَمْدُ بِمَعْنَى الرِّضَا، يقال: بلوته فحمدته، أي رضيته. ومنه قول تَعَالَى:" مَقامًا مَحْمُودًا" «٨». وَقَالَ ﵇: (أَحْمَدُ إِلَيْكُمْ غَسْلَ الْإِحْلِيلِ) أَيْ أَرْضَاهُ لَكُمْ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ فِي قَوْلِهِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ": مَنْ حَمِدَهُ بِصِفَاتِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ حمد، لان الحمد جاء وَمِيمٌ وَدَالٌ، فَالْحَاءُ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ، وَالْمِيمُ مِنَ الْمُلْكِ، وَالدَّالُ مِنَ الدَّيْمُومِيَّةِ، فَمَنْ عَرَفَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالدَّيْمُومِيَّةِ وَالْمُلْكِ فَقَدْ عَرَفَهُ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَالَ شَقِيقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِ" الْحَمْدُ لِلَّهِ" قَالَ: هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهَا إِذَا أَعْطَاكَ اللَّهُ شَيْئًا تَعْرِفُ مَنْ أَعْطَاكَ. وَالثَّانِي أَنْ تَرْضَى بِمَا أَعْطَاكَ. وَالثَّالِثُ مَا دَامَتْ قُوَّتُهُ فِي جَسَدِكَ أَلَّا تعصيه، فهذه شرائط الحمد.

(١). آية ٢٨ سورة المؤمنون. (٢). آية ٣٩ سورة إبراهيم. (٣). آية ١٥ سورة النمل. (٤). آية ١١١ سورة الاسراء. (٥). آية ٣٤ سورة فاطر. (٦). آية ١٠ سورة يونس. (٧). عقب ذلك ابن عطية في تفسيره قوله: فالحامد من الناس قسمان: الشاكر والمثنى بالصفات. وبه يتضح كلام المؤلف. (٨). آية ٧٩ سورة الاسراء.

1 / 134