139

Le Jami' des règles du Coran

الجامع لاحكام القرآن

Chercheur

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Maison d'édition

دار الكتب المصرية

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Lieu d'édition

القاهرة

الثَّالِثَةُ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مَحْمُودٌ عَلَى سَائِرِ نِعَمِهِ، وَأَنَّ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ الْإِيمَانَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ فِعْلُهُ وَخَلْقُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:" رَبِّ الْعالَمِينَ". وَالْعَالَمُونَ جُمْلَةُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْإِيمَانُ، لَا كَمَا قَالَ الْقَدَرِيَّةُ: إِنَّهُ خَلْقٌ لَهُمْ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. الرَّابِعَةُ الْحَمْدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَعْنَاهُ الثَّنَاءُ الْكَامِلُ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ مِنَ الْمَحَامِدِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ بِأَجْمَعِهِ إِذْ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَا، وَقَدْ جُمِعَ لَفْظُ الْحَمْدِ جَمْعَ الْقِلَّةِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ: وَأَبْلَجُ مَحْمُودِ الثَّنَاءِ خَصَصْتُهُ ... بِأَفْضَلِ أَقْوَالِي وَأَفْضَلِ أَحْمُدِي فَالْحَمْدُ نَقِيضُ الذَّمِّ، تَقُولُ: حَمِدْتُ الرَّجُلَ أَحْمَدُهُ حَمْدًا فَهُوَ حَمِيدٌ وَمَحْمُودٌ، وَالتَّحْمِيدُ أَبْلَغُ مِنَ الْحَمْدِ. وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنَ الشكر، والمحمد: الذي كثرت خصال الْمَحْمُودَةِ. قَالَ الشَّاعِرُ: إِلَى الْمَاجِدِ الْقَرْمِ الْجَوَادِ الْمُحَمَّدِ وَبِذَلِكَ سُمِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ الشاعر: «١» فَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ... فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ وَالْمَحْمَدَةُ: خِلَافُ الْمَذَمَّةِ. وَأَحْمَدَ الرَّجُلُ: صَارَ أَمْرُهُ إِلَى الْحَمْدِ. وَأَحْمَدْتُهُ: وَجَدْتُهُ مَحْمُودًا، تَقُولُ: أَتَيْتُ مَوْضِعَ كَذَا فَأَحْمَدْتُهُ، أَيْ صَادَفْتُهُ مَحْمُودًا مُوَافِقًا، وَذَلِكَ إِذَا رَضِيتَ سُكْنَاهُ أَوْ مَرْعَاهُ. وَرَجُلٌ حُمَدَةٌ مِثْلَ هُمَزَةٍ يُكْثِرُ حَمْدَ الْأَشْيَاءِ وَيَقُولُ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا فِيهَا. وَحَمَدَةُ النَّارَ بِالتَّحْرِيكِ: صَوْتُ الْتِهَابِهَا. الْخَامِسَةُ ذَهَبَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ إِلَى أَنَّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ سَوَاءً، وَلَيْسَ بِمَرْضِيٍّ. وَحَكَاهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي كِتَابِ" الْحَقَائِقِ" لَهُ عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَابْنِ عَطَاءٍ. قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: مَعْنَاهُ الشُّكْرُ لِلَّهِ، إِذْ كَانَ مِنْهُ الِامْتِنَانُ عَلَى تَعْلِيمِنَا إِيَّاهُ حَتَّى حَمِدْنَاهُ. وَاسْتَدَلَّ الطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى بِصِحَّةِ قَوْلِكَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، لِأَنَّ قَوْلَكَ شُكْرًا، إِنَّمَا خَصَصْتَ بِهِ الْحَمْدَ، لِأَنَّهُ عَلَى نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ الشُّكْرَ أَعَمُّ من الحمد، لأنه باللسان وبالجوارح

(١). هو حسان بن ثابت رضى الله عنه.

1 / 133