Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
فهذه الأسماء والأحكام أجراها الله ورسوله ^ على أهلها، وسماهم على قدر منازلهم؛ فالحكم فيهم على ما استحق كل منهم، وكان الحكم والسيرة في عبدة الأوثان من العرب أن يقاتلوا {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله}؛ يعني: لا يكون شرك ويكون الدين كله لله، وأن يستحل مع ذلك في قتالهم غنيمة أموالهم، ورد سباهم، ورد سبا خيبر، وهو أن رسول الله ^ لم يسب بعد ذلك أحدا من العرب، وفتح مكة وردها إلى أيدي أهلها ولم يسبهم. وقيل: إنه قال: «لا رق على عربي».
ولم يغز بعد الفتح، وينزل براءة أحد من المشركين على دينه من العرب، إلا من كان له مدة في الأربعة الأشهر حتى يبلغ حد مأمنه، وقد أنزل في ذلك: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}، فبرئ إليهم من عهدهم، ولم يقبل منهم إلا الإسلام أو قتلهم.
وذلك معروف في السيرة معهم، ومضى عليه السلف، وكانت السيرة في أهل الكتاب أن يقاتلوا /171/ حتى يقروا بالإسلام، وإن امتنعوا من الإسلام قوتلوا، حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، واستحل في قتالهم سباهم، وغنيمة أموالهم، وأجلى بني النضير، وأخذ أموالهم.
وقاتل بني قريظة وسبى ذراريهم ونساءهم، وغنم خيبر وجعلها بين من قاتل عليها على قسم الغنيمة، وأخرج الخمس على من سمى الله، وقسمه وقسم الباقي بين من قاتل عليها، وبين السهام في ذلك لمن يستحقه، قسم بنفسه أو هو ومن كان معه وسنه، كما قد قسم من ذلك، وأعطى العبيد والنساء شيئا غير سهام بلا قسمة، وأخذ الجزية والصلح ممن ألقى بيده ولم يقاتل، وأقره على دينه.
وقد أقر يهود خيبر بعد القتال على دينهم، وعاملهم على الأموال بالنصف من ثمارها، ورفع عنهم الجزية، وصالح أهل فدك على نصف ثمرتها والنصف منها، وحقن دماءهم، وأقرهم على دينهم، وقيل: إنهم نصارى.
Page 236