Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
فقال: هو ألا يسمى أهل ملة إلا بما سمى الكتاب كما سماه الله في كتابه، فعلى ما سماه الله من جميع الملل؛ فيسمى المؤمن مؤمنا، والمسلم مسلما، والمشرك مشركا، والكافر كافرا، والفاسق فاسقا وكافرا، والمنافق منافقا، والظالم ظالما، والباغي باغيا، وكل مسمى كما سماه الله في كتابه، فعلى ما سماه الله، وثبت منازل الناس، وتجري الأحكام عليهم على ما يعرف من منازلهم، وتعرف منازلهم من قبل قولهم وفعلهم.
فعلى القول والفعل تثبت المنازل، وعلى ما يثبت من المنازل ثبتت للناس منازلهم من الأسماء والأحكام، فمن أجرى على الناس /170/ حكما قبل أن يعرف منازلهم جار وتعدى، فإنه لم يكن أحد مسلما إلا بقول المسلمين وفعلهم، ولا مؤمنا إلا بقول المؤمنين وفعلهم، ولا يكون منافقا إلا بقول المنافقين وفعلهم، ولا يكون يهوديا إلا بقول اليهود وفعلهم، ولا نصرانيا إلا بقول النصارى وفعلهم، ولا مشركا إلا بقول المشركين وفعلهم، ولا مجوسيا إلا بقول المجوس وفعلهم.
وكذلك سماهم الله في كتابه، وأثبت لهم وعليهم الأحكام على كل ملة من ملل أهل الشرك، وأهل الأحداث من أهل الإقرار، فليس لنا أن نجمعهم في اسم ولا في حكم من حيث تفرقوا، ولا نفرقهم من حيث اجتمعوا، ولا نقصرهم من حيث بلغوا.
ولا ينبغي لنا أن نلحق بهم من الأسماء والأحكام ما لم يلحقوا، ولا أن نجعل الكفر بالتأويل والمعرفة بالتنزيل والتصديق كالكفر بالتنزيل والتكذيب، ولا أن نجعل التضييع للفرائض في الإقرار بها كترك العمل بها والإنكار لها، ولا نجعل ركوب المعاصي في الإقرار بحرمتها، والمعرفة لما ركب منها، والإقرار بحد ما كان فيه حد منها، كمثل ركوبها في استحلالها، والكفر بما أنزل الله من تحريمها.
Page 235