والجهاد في سبيل الله واسع جهله ما لم يلزمه ذلك، ما قام به البعض* من المسلمين، فإن هو لزمه الجهاد في سبيل الله، أو الدفع كما أمر الله، لم يسعه إلا عمله والعمل به على ما يجب عليه فيه، وألا يتعدى إلى غير المأمور به فيه، ولا يركب ما نهي عنه. فإن لزمه فتركه بعد القدرة له، ولم يكن أحد قائما بذلك، وركب نهي الله فيه ونهي رسوله لم يعذر بذلك، وإنما يسعه ما قام بذلك أحد؛ لأنه فرض على الكفاية، وقد قال الله: {قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا} فهما هما، ومن تعدى إلى غير ذلك فقد أخطأ.
وكذلك الزنا وشرب الخمر وقذف المحصنات، واسع جهل ذلك لمن لم يعلمه ما لم يركب زنا، أو يقذف المحصنات، أو يشرب الخمر، فإن هو فعل شيئا من ذلك لم يسعه ولم يعذر بذلك بجهل ولا عمد.
وكذلك الكذب المتعمد عليه، وغيبة المسلمين وشتمهم، والأذى لهم بغير ما اكتسبوا، /159/ وقول الزور، كل ذلك واسع جهله ما لم يركب شيئا مما وصفنا.
فإن ركب شيئا من ذلك بجهل أو عمد فكذب أو قذف أو شتم المسلمين أو اغتابهم، أو شهد بزور لم يعذر بذلك، ركب ذلك جاهلا لحرمته أو عالما بحرمته، فلا يحل ركوبه لما حرم الله عليه من ذلك؛ لأن هذا كله قد حرمه الله وذمه وتوعد فاعله عليه، وحذر عنه وشدد فيه، ونهى عنه رسول الله، ولم يرخص الله في ركوب شيء مما نهى عنه.
Page 219