في إجابة الله عز وجل من يدعوه، فقال بعض المعتزلة: إن ذلك ثوابا للداعي (¬1) وإن الكافر والفاسق لا يستجاب (¬2) لهما دعاؤهما؛ لأنهما ليسا من أهل الثواب (¬3) ؛ ولأن إجابة الله عندهم للداعي تشريف له ورفع من منزلته، وهذا القول عندي غلط من قائله؛ لأنه ليس بمستحيل (¬4) بأن يقع (¬5) من الله إجابة لبعض خلقه على غير جهة تشريف للداعي، بل يجوز أن يكون على سبيل الاستصلاح له والاستدعاء بذلك إلى طاعته، وربما كان في ذلك (مزجرة) (¬6) لبعض خلقه كنحو الإجابة لدعوة المظلوم، وإن كان ذلك المظلوم مشركا أو فاسقا (كما) (¬7) ورد الخبر بذلك: (إن دعوة المظلوم والحاج والوالد مستجابة) (¬8) ؛ وفي رواية أخرى: (إن دعوة المظلوم لا يردها راد حتى تقصد إلى السماء)، ومثل هذه الأخبار كثير ولو كانت الإجابة لا تكون إلا تشريفا وتعظيما للداعي، لم يجز أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم سائلا يسأله شيئا حتى يكون مؤمنا تقيا، وهذا ما لا يذهب فساده على (¬9) أحد من أهل الصلاح والله نستهديه (¬10) لما يحبه ويرضاه. وأيضا فإن الإجابة قد تكون تشريفا وقد تكون احتجاجا واستعطافا، (¬11) كنحو ما يتعارفه الناس من أن إنسانا لو سأله عدو له حاجة قضاها (¬12) ، وهو غير منصرف لقضائها من عدواته، لم يكن فعله قبيحا، بل يعتد بذلك الزيادة في نبله ودالة على حالته (¬13) وسعة صدره، وأنه بذلك قد استعطف عدوه وينشطه (¬14) حتى يكون له وليا بعد أن كان (¬15)
¬__________
(¬1) في (ج) توابا للداعي.
(¬2) في (ج) يستجابهما.
(¬3) في (ج) ثواب.
(¬4) مستحيل.
(¬5) في (ج) نفع.
(¬6) من (ب) و (ج) وفي (أ) مؤخرة.
(¬7) من (ب) و (ج).
(¬8) رواه أبو داود وابن ماجه.
(¬9) "على" ساقطة من (ب).
(¬10) من (ج) و (أ) نستهديه أي نطلب من الهداية.
(¬11) في (ب) واستعظاما.
(¬12) (ب) و (ج) فقضاها.
(¬13) في (ج) حلالته.
(¬14) في (ج) وتنشطه.
(¬15) في (ج) يكون..
Page 89