فاما التسمية بالجبل فهو ظن منهم انه سمة تستحق بالعظم في الجثة حتى صار وا يسمون كل ما كان من اليواقيت اعظم حجما وانما هو سمة لثقل الثمن او تشبيه بجوهر رمانى او بهرمانى كان في خزانة الخلفاء مثل الكف في غلظ صالح ونواتى بارزة منه ووزنه ثلاثون مثقالا ولقبه جبلية - وكان فيها آخر مستطيل معقف رأسه لطرف الصنج اسمه العنقاء وزنه احد وعشرون مثقالا - وكان فيها المنقار بوزن خمسة عشر مثقالا - وذكروا انه كان على خلقة طائر من ياقوت احمر ومنقاره اصفر وهو الاعجوبة وذكر نصر في المنقار، انه كان فصا ووزنه مثقالان الا دانق وانه فاق الجبل في اللون والماء ولم يشر الى علة تسميته بالمنقار - قال، وكان لخالة المقتدر فص يلقب بورقة الآس لانه كان على مقدارها وزنه مثقال الا شعيرتان وشراؤه ستين الف درهم وكان فيها البحر من ياقوت احمر وزنه ثمانية وعشرين مثقالا الا انه كان رقيقا ومقعرا بحيث كان يمكن الشرب فيه - الى سائر ما كان فيها من الجواهر الملقبة وغير الملقبة لأن الجواهر كانت قنية الاكاسرة مجتمعة من لدن اردشير بن بابك يرثها عن القائمين بعده كابر عن كابر الى انقلاب دولتهم نحو العرب فألقت ارض فارس الى الدولة المتجددة اقلادها واخرجت الى اصحابها اثقالها، وحال الخلفاء الاربعة في الانقباض عنها وصرفها الى سائر المسلمين ظاهرة وكذلك من قام بعدهم من ينس أمية ومروان فقد كانت دولتهم عربية لم يترعن فيها غير نفر أو نفرين فاتسعت الجواهر المذكورة في ايامهم وامتلأت بها خزائنهم ثم فاجأتهم الدولة العباسية فكانت في مبدأها لما جمعوا كالذر ذودا تمشت ما وجدت واشترطته فانتقل الى ملكهم واقبلوا على انمائه والزيادة منه ولم تزل جواهر الخلافة في الازدياد الى ايام المقتدر فأنه كان ذا أم مستولية ومؤثرا لما لا فلاح لمثله معه من مجالسة النساء في اللعب والبطالة فوقع في الاموال كاللص المغير وتجاوزها الى الجواهر فبذرها فيهن وضيعها بايديهن واحتشم وزيره العباس ورام اسكاته بالاشراك في النهب وتلويثه بالخيانة ليعمى عليه وانفذ اليه من الجواهر ما يعظم مقداره تكرمة له فردها العباس قائلا، انها زينة الاسلام وعدة الخلافة وليس تفريقها بصواب - فخجل وصار سبب ذلك ثقله على قلبه - ولما ولى علي بن عيسى من مكة وكان قد نفى اليها بعد الوزارة ولقى المقتدر اجرى حديث سمط اخذ من ابن الجصاص بثلاثين الف دينار من مال موافقته وسأله عنه فقال، هو في الخزانة - زساله ان يحضره فطلب ولم يعثر على اثر فأخرجه حينئذ علي بن عيسى من كمه وقال، قد اشترى لي بمصر واذا وقع هذا في الجوهر ففى ماذا يقع؟ فأشتد على المقتدر وعلى بن عيسى واتاهما به زيدان القهر مان وكيف لا وبشحها يضرب المثل ولكنما لم تحقق صفتها فنحكيها بالتفضيل - وقال الصادق في قوله -
فلا كانت الدنيا اذ ساها النسا ... وان سسن يوما فالسلام على الدنيا
وان ترشدها هدى على صدقه فقل من تحمد من النساء كزبيدة في اكثر الفضائل وسبحتها من يواقيت رمانية كالبنادق مخروزة بمثل شرائح البطيخة - اذا وجد منها الآن شيء عرف بها ونسب اليها والدر المثقوب بالتصليب من امرها لتتخذ منها للوصائف ثيابا منسوجة منها - وخبر قردها ومقتله وصلاتها عليه واستماعها مرثيته وبكاها عليه من القوادح في العقل - وحكايتها محظورة لعظم الحرمة - ثم ماذا يقال بعدها في من لايصلح ان يكون ترابا لموطأها - وقد كان الخلفاء قبل المقتدر يبسطون ايديهم في الجواهر بقدر لايجحف ولا يلامون عليه - وكان في جملة حظيات الرشيد واحدة لم ترزق جارية من الجمال ما رزقته هي وكان الرشيد اذا اتحفهن بشيء ردت المذكورة حصتها وهو يغتاظ من ذلك واتفق يوما انه نثر عليهن جواهر لها قيم فالتقطنها ولم تمد تلك اليها يدا ثم احضر جواهر غيرها وخيرهن فيها فاخترن وقال لتلك، لم لا تختارين اسوة صوحبك؟ قالت، ان كان لي ما أختاره فسافعل وجاءت وأخذت بيده وقالت له، هذا أختياري من جميع جواهر العالم فأعجب بها الرشيد وسماها خاصلة وفاقت سائرهن في الحظوة منه في الثوائب واصلات والمواهب واتفق ان جائزة الرشيد تأخرت عن ابي نواس فقال -
لقد ضاع شعرى على بابكم ... كما ضاع در على خالصه
1 / 25