170

Ittihafat

الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية

Chercheur

عبد القادر الأرناؤوط - طالب عواد

Maison d'édition

دار ابن كثير دمشق

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Hadith
أو قول فيه صلاح صاحبه، وهو من قولهم: نصحت لهم الود؛ أي: أخلصته. وناصح العسل: خالصه. أو من قولهم: نصحت الجلد: خطته. والناصح: الخياط. والنصاح: الخيط. والنصيحة: كلمة يُعبَّر بها عن جملة، هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبرهذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.
وقد جاء القرآن يحكي نصح الأنبياء لقومهم، قال حكاية عن صالح ﵊: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف:٧٩] وقال تعالى حكاية عن نبي الله شعيب ﵊: ﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [الأعراف:٩٣] وقال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة:٩١] يعني: أن من تخلف عن الجهاد لعذر؛ فلا حرج عليه بشرط أن يكون ناصحًا لله ورسوله في تخلفه، فإن المنافقين كانوا يظهرون الأعذار كاذبين، غير ناصحين لله ورسوله، وقال تعالى حكاية عن نبي الله نوح ﵇: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:٦٢] وقال تعالى حكاية عن نبي الله هود ﵇: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ "الأعراف:٦٨" وقال تعالى حكاية عن إخوة يوسف: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ [يوسف:١١] .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي رقية تميم بن أوس الداري ﵁ أن النبي ﷺ قال: "الدين النصيحة -ثلاثًا- قلنا: لمن يا رسول الله؟! قال: لله ﷿، ولكتابه، ولرسوله ﷺ، ولأئمة المسلمين، وعامتهم" ١ وروى الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي ﷺ قال: قال الله ﷿: "أحب ما تعبدني به عبدي النصح لي" ٢ وهو قطعة من حديث الكتاب، وقد ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عمومًا، وفي بعضها النصح لولاة الأمور، وفي بعضها نصح ولاة الأمور لرعايهم، وفي بعضها النصح لله وحده جلَّ عزه، كما في حديث الكتاب، وفي الصحيحين عن

١ رواه أحمد في المسند "٤/ ١٠٢"، ومسلم رقم "٥٥" في الإيمان، وأبو داود رقم "٤٩٤٤" والنسائي "٧/ ١٥٦و١٥٧"من حديث تميم الداري ﵁.
٢ تقدم تخريجه.

1 / 171