Ittihafat
الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية
Chercheur
عبد القادر الأرناؤوط - طالب عواد
Maison d'édition
دار ابن كثير دمشق
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Hadith
وقوله: "رواه ابن عساكر" تقدَّمت ترجمته. وضعف الحديث لا يخفى. والله أعلم.
والمعنى: أن من عباد الله جل ذكره عبادًا يظهرون للناس، ويلبسون جلود الشياه، وهو كناية عن إظهار اللين في كلامهم، وحنانهم، وحسن أخلاقهم، وهم في الحقيقة ذئاب، قلوبهم التي يعقلون بها أمرمن الصبر. وألسنتهم بين الناس أحلى من العسل، تشتهي أن تسمع منهم، وتجالسهم، ولا تفارقهم، يختلون الناس بدينهم، ويخدعونهم، ويطلبون بذلك عمل الدنيا بالآخرة، ويراوغونهم كما يرواغ الذئب الصيد إذا تخفى له، وهذا غرور منهم بالله ﷿، واغترار به، وجرأة عليه جل ذكره؛ لأن الخلق خلقه، والعباد عبيده، فكيف يقدمون على هذه الأعمال، ولا يبالون بأن لهذه الخلائق ربًا، وإلهًا، وخالقًا يحفظهم من أمثال هؤلاء المحتالين الذئاب، فيخبرالله بأنه أقسم، وحلف ليلبسنهم، ويخلطن عليهم، ويوقعهم في الشكوك جزاء فعلهم ذلك، فتنة، وابتلاء، وامتحانًا تذر، وتترك العاقل العالم المتثبت في الأمور متحيرًا، لا يقدر على دفعها، فكيف بغير الحليم؟! ويصدق هذا على من يتظاهر بالدين، والتقوى، ويلين للناس في الكلام، والأخلاق، ويتساهل في أحكام الدين، فترغب فيه العوام،ويقبلون عليه، ويصيرون من حزبه، فتجلب له الأموال، ويحظى بالرئاسة والوجاة وكثرة الأتباع، وهو في الحقيقة جهول غشاش؛ لأن ما يدعو إليه ظاهرًا إنما هو لغرض دنيوي، ومن حطام الدنيا، لذلك تجد قلوبهم غير موافقة لعملهم؛ لأن ألسنتهم في الأقوال، والدعاوي أحلى من العسل، وقلوبهم، وأفئدتهم خالية من الإخلاص، والورع، والنية الصالحة، فهي أمر من الصبر، فنسأل الله أن يهيديهم لأقوم الطرق، وأحسنها، ويصدق أيضًا على من يدعي الولاية، والخلافة من عوام الجهال، ويدعون الناس إلى الانضمام لشيعتهم، ويحسنون لهم كثيرًا من البدع والخرافات، ويضللون طريق الهدى عليهم بألسنة أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر المعروف، يخدعونهم بلين أقوالهم لينجذبوا إليهم، ويصيروا عبيدًا لهم، يأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، فهؤلاء أيضًا يغترون بالله عز، وجل، ويجترئون عليه، فلهم فتنة يلبس الله عليهم فيها، تترك الحليم العاقل العالم حيران، لا يدري ما يفعل، فما بالك بغيره؟! والله أعلم.
١١٧- "علامة معرفتي في قلوب عبادي حسن موقع قدري ألا
1 / 143