وَقَالَ القُشَيْرِيُّ (١): وَقِيلَ: السَّعَادَةُ وَالشَّقَاوَةُ وَالخَلْقُ وَالخُلُقُ وَالرِّزْقُ لَا تَتغَيَّرُ، فَالآيَةُ فِيمَا عَدَا هَذِهِ الأَشْيَاءَ (٢).
قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ الأَجْوِبَةِ - أَيْضًا - نَظَرٌ ظَاهِرٌ.
ثُمَّ رَأَيْتُ القُرْطُبِيَّ قَالَ فِي «تَفْسِيرِهِ»: «وَفِي هَذَا القَوْلِ نَوْعُ تَحَكُّمٍ»، قَالَ: «وَمِثْلُ هَذَا لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ وَلَا بِالاجْتِهَادِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ تَوْقِيفًا، فَإِنْ صَحَّ فَالقَوْلُ بِهِ يَجِبُ، وَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَتَكُونُ الآيَةُ عَامَّةً فِي جَمِيعِ الأَشْيَاءِ، وَهُوَ الأَظْهَرُ» (٣).
وَأَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ ...﴾ (٤) - الآيَةَ - بِأَنَّ المُرَادَ بِالعُمُرِ: الطَّوِيلُ العُمُرِ، وَالمُرَادَ بِالنَّاقِصِ: قَصِيرُ العُمُرِ، وَالمَعْنَى: كُلُّ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ أَوْ قَصُرَ فَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي الكِتَابِ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: «النَّقْصُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا القُرْآنُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الإِضَافَةِ»، قَالَ: «[وَبِالضَّرُورَةِ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ عُمِّرَ مِئَةَ عَامٍ وَعُمِّرَ آخَرَ ثَمَانِينَ
_________
(١) بِضَمِّ القَافِ وَفَتْحِ الشِّينِ كَمَا فِي «الأَنْسَابِ» لِلسَّمْعَانِيِّ (١٠/ ٤٢٣).
وَهُوَ: أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الكَرِيمِ القُشَيْرِيُّ، وَاعِظٌ، مِنْ عُلَمَاءِ نَيْسَابُورَ، كَانَ ذَكِيًّا حَاضِرَ الخَاطِرِ فَصِيحًا جَرِيئًا، تُوُفِّيَ سَنَةَ (٥١٤هـ)، انْظُرِ «الأَعْلَامَ» لِلزِّرِكْلِيِّ (٣/ ٣٤٦).
(٢) أَوْرَدَهُ القُرْطُبِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (٩/ ٣٢٩)، وَعَزَاهُ إِلَى القُشَيْرِيِّ.
(٣) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (٩/ ٣٢٩).
(٤) سُورَةُ (فَاطِر)، آيَة (١١).
1 / 52