ثالثًا: الأعمال والوظائف التي قام بها المؤلف:
كان الحافظ السَّخَاوىُّ كما هو معلوم من أعيان العلماء، وقد أفاد عصره، وشارك في الحياة العامة، وقد قام بعدة أعمال مهمة، إضافةً إلى التأليف والتصنيف الذي اشتغل به مبكرًا.
التدريس:
اشتغل به المصنِّف وقتًا طويلًا، ويكاد أن يكون جلُّ عمره قضاه في التدريس، خصوصًا تدريس الحديث الشَّريف، وذلك في عدة مدارس بمصر، مع تدريسه في الحرمين الشَّريفين فترة مجاورته على فترات متعددة.
ومن تلك المدارس التي باشر الإقراء فيها:
(أ) دار الحديث الكاملية (^١): فقد استقرَّ بها في تدريس الحديث، وذلك عقب موت الكمال (^٢)، ولكن يبدو أنه لم يطل به المقام فيها، إذ تعصَّب عليه ابن شيخها السابق (عبد الرَّحمن) ابن إمام الكاملية، ومعه أخوه أحمد، وحاولا انتزاع مشيختها منه، وقد أعانهم على ذلك جوهر المعيني الحبشي أحد خُدَّام خوند ابنة العلاء زوجة السلطان الأشرف قايتباي، وانْتُزعت منه فعلًا في شوال سنة (٨٩٣ هـ) (^٣)!
_________
(^١) هي دار الحديث، وليس بمصر دار حديث غيرها، بناها الملك الكامل الأيوبي، وكملت عمارتها سنة (٦٢١ هـ)، أول من تولَّى مشيختها هو أبو الخطاب عمر بن دحية. "خطط المقريزي" (٢/ ٣٧٥)، و"حسن المحاضرة" (٢/ ٢٦٢).
(^٢) هو الشيخ محمد بن محمد بن عبد الرَّحمن، المعروف بـ (ابن إمام الكاملية). ترجمته في: "الضوء اللامع" (٩/ ٩٣ - ٩٥).
(^٣) ذكر المؤلف قصة نزع مشيخة المدرسة منه وما آل إليه حالها في عدة مواضع، انظر: "الضوء اللامع" (٤/ ١٤٤) -ترجمة عبد الرَّحمن ابن إمام الكاملية. و(٢/ ١٨١) - ترجمة أحمد بن إمام الكاملية، و(٣/ ٨٥) - ترجمة جوهر المعيني الحبشي.
وراجع: "وجيز الكلام" (٣/ ١٠٤١). بل إنَّ له رسالة مخصوصة ذكر فيها قصة نزع هذه المدرسة سمَّاها: "الفرجة بواقعة الكاملية التي ليس فيها للمعرض حجَّة".
1 / 57