واعلم أن هذا الذى أشار إليه «المنار» فى خروج المفهوم على الأغلب تنزل منه على القول بالمفهوم، وإلا فهو ينفيه كما يأتى.
ثم قال فى حاشية «المنار»: (ومما وقع من اللطف أنه كان لي عباءة، وما يكون من هذا النوع فى زماننا غالبه الطول، فكنت فى اليمن لأنه يغلب على المتفقهة لُبس ذلك، [أنشغل] * بطولها، فقلت مرة: إني لست ممن يفعل ذلك خيلاء مشيرا إلى حديث أبى بكر رضى الله عنه، فقالت لي امرأة: أوما يكفيك أنه يراك الله متخلقا بأخلاقهم، فكأنما كشفت عن قلبي غشاوة واستغربت ذلك منها ورأيت أنها ملقنة). انتهى.
هذا، وقد سبقت لنا الإشارة أنه لا يتم حمل المطلق على المقيد [كما قاله النووي والبيهقي إلا مع القول بمفهوم الصفة والقول بحمل المطلق على المقيد] **، وفيهما نزاع كما أشرنا إليه، فأما الحمل فقدمنا الكلام عليه، وأما القول بمفهوم الصفة فلنذكر كلام النفاة والمثبتين، ومن له ذوق سليم يعرف الصحيح من السقيم.
فقوله ﵌: «خيلاء» فى حديث: «لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء»، مفهومه من مفهوم الصفة لاتفاقهم بأنه ليس المراد بها [التجويز بل كل ما تقيد بها من حال وعلة ونحوها] ... .
فذهب إلى القول بمفهوم الصفة الشافعي وجماعة من الأئمة، وذهب إلى نفيه الحنفية وأئمة من الشافعية: كالقاضي (١) والغزالي، ونفاه المعتزلة والمهدي فى «البحر».
واستدل المثبتون بدليلين كما فى مختصر ابن الحاجب وغيره من كتب الأصول:
الأول: أنه نقل عن أبى عبيدة-وهو من أئمة اللغة- أنه قال فى قوله ﵌: «لي الواجد يحل عقوبته وعرضه»: أنه يدل
_________
(١) في المخطوطة (لما لقاضي) وهو خطأ
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة:
(*) في (ب) (أسفل) وفي (المنار في المختار من جواهر البحر الزخار) (٢/ ٢٦٧) (أشتغل)
(**) زيادة من (ب)
(...) في (ب) (التحريم بل كل ما يقيد بها من حاله وعلمه ونحوهما)
1 / 45