L'Islam comme partenaire
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Genres
أولئك بعضهم أولياء بعض . ثم يخاطب عز وجل المهاجرين والأنصار معا ويبلغهم أنه لا ولاية لهم على الفريق الثالث، أي على
الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ، ولكنهم إن سألوكم العون واستنصروكم في الدين فعليكم أن تناصروهم، إلا أن يكون ذلك ضد من يكون بينكم وبينهم حلف أو ميثاق:
وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق (الآية).
من الواضح أن الآية الكريمة تشير إلى فريق من الناس الذين يحسبون من المؤمنين وإن لم يكونوا من المهاجرين ولا من الأنصار. والعلامة التي تميزهم من غيرهم هي أنهم لم يهاجروا (مع النبي وأصحابه رضي الله عنهم) أو لم يقوموا بأي هجرة. وإذا نظرنا في سياق الآية الكريمة وعرفنا أن الهجرة أصبحت تدل على وضع قانوني، فلن يكون لدينا أي شك في أن تعريف الفريق الثالث قد أصبح له كذلك طابع قانوني. والكلمتان الأساسيتان في الآيات الكريمة هما أولياء (جمع ولي) وولاية (بفتح الواو وكسرها) وكلاهما مشتق من ولي. وتستخدم الكلمة الأخيرة بمعان مختلفة، ولكن معناها الأصلي هو «القريب أو المقرب». والطبري في تفسيره يعطي للكلمة معنى النصير والمعين وابن العم والنسيب (أي القريب) والوريث، وإن كان يستبعد المعنى الأخير في حالتنا هذه،
8
وهو المعنى الذي لا نستطيع - في تقديري - أن نستبعده إذا تذكرنا ما سبق قوله عن «الخلافة المتبادلة» بين المهاجرين والأنصار. وقد سبق أن نبه ريتشارد بيل، في ترجمته الإنجليزية للقرآن الكريم،
9
إلى أن معنى «ولي» ينصرف إلى القريب الحميم الذي يلقى على كاهله واجب الأخذ بالثأر، وذلك وفقا لما جاء في «دستور المدينة» (ولي المقتول)، والمهم على كل حال أن الحد الأدنى للمعنى الذي يمكننا أن نأخذ به هو أن «ولي» و«ولاية» تفيدان الإلزام بالعون والمساعدة. وما يجدر ذكره أن مثل هذا الإلزام للمهاجرين والأنصار نحو أفراد الفريق الثالث لم يتم إنكاره كل الإنكار، بل لقد فرض عليهما في حالة طلب العون أو الاستنصار في أمر من أمور الدين، اللهم إلا إذا كان المهاجرون والأنصار مقيدين بحلف أو ميثاق مع أولئك الذين يستنصرون عليهم.
ولكن من هم أولئك «الذين آمنوا ولم يهاجروا»؟ يبدو أن الطبري والمفسرين الأوائل الذين استشهد بهم في تفسيره يجمعون على أنهم كانوا من البدو أو الأعراب. أضف إلى هذا أن مفسري القرآن الكريم - وذلك بقدر ما أعلم - لا يذكرون حادثة تاريخية محددة وراء نزول الوحي بالآية الكريمة السابقة، كما أن الباحثين المحدثين من الأجانب قد اختلفت آراؤهم إلى حد التناقض عن توقيت نزولها، فبينما يضعها «بلا شير»
10
Page inconnue