ليس فيه ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، عليه شَعراتٌ بيض".
وعن أبي سعيد ﵁: تَمرقُ مَارقةٌ عند فُرقةٍ من المسلمين، فيقتلها أولى الطائفتين بالحق.
أقول: وفي هذا دليلٌ على أن أصحاب معاوية ﵁ ما خرجوا عن الإسلام، بل لم يفسقوا؛ لأنهم مجتهدون، وأنهم مخطئون في اجتهادهم، وأنَّ أمير المؤمنين عليًا ﵁ وأصحابه كانوا أولى بالحق؛ لأنه الذي قَتلهم، وقد صرح به في رواية ابن عمرو: "يقتلهم علي بن أبي طالب".
والأحاديث في الخوارج كثيرةٌ لا تكاد تنحصر.
وسبب وقعتهم بالاختصار: أنهم لما حَكّمُوا الحكمين، قالت القراء: كفر عليّ، وكفر معاوية. فاعتزلوا أمير المؤمنين، ونزلوا بحروراء بضعة عشر ألفًا، فأرسل إليهم ابن عباس ﵄ يناشدهم الله: ارجعوا إلى خليفتكم، فبم نقضتم عليه: أفي قِسمةٍ أو قضاء؟ قالوا: نخاف أن ندخل في الفتنة. قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل.
فرجع بعضهم إلى الطاعة، وقال بعضهم: نكون على ناحيتنا، فإن قَبِلَ القضية -يعني: التحكيم- قاتلناه على ما قاتلنا عليه أهل الشام بصِفِّين، وإن نقضها؛ قاتلنا معه. فساروا حتى قطعوا النهر، وافترقت منهم فرقةٌ يقتلون الناس، فقال أصحابهم: ما على هذا فارقنا عليًا.
فلما بلغ عليًا ﵁ صنيعهم، وكان متجهزًا إلى الشام قام فقال: أتسيرون إلى عدوكم، أو ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوكم في دياركم؟ فقالوا: بل نرجع إليهم. فقال: ابسطوا عليهم، فوالله لا يُقتل منكم عشرة، ولا ينجو منهم عشرة. فكان كذلك، فقال: اطلبوا رجلًا صفته كذا وكذا. فطلبوه فلم يجدوه، ثم طلبوه فوجدوه على النعت الذي ذكره رسول الله ﷺ، فقال رجلٌ: الحمد لله الذي أبادهم، وأراحنا منهم.
فقال عليّ ﵁: كلا، والذي نفسي بيده إنَّ منهم لمن في أصلاب الرجال
1 / 56