﵁ يَسبُّ عمروًا، ويقول: إنك غَدرت. فرجع عليّ إلى الكوفة، ومعاوية إلى الشام.
ثم تجهز علي ﵁ لقتال أهل الشام مرة بعد أخرى، فشغله أمر الخوارج، ثم تجهز في سنة تسع وثلاثين، فلم يتهيأ ذلك؛ لافتراق آراء أهل العراق عليه، ثم وقع الجِدُّ منه في ذلك في سنة أربعين، وجعل على مُقَدِّمتهِ قيس بن سعد بن عبادة، وكانوا أربعين ألفًا بايعوه على الموت، فَقُتلَ علي ﵁، وكان ما قدر الله.
وعن عروة عن [أبيه] رويم قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: صارعني. فقام إليه معاوية ﵁ فقال: أنا أُصارعك. فقال النبي ﷺ: "لن يُغلب معاوية أبدًا"، فَصَرعَ الأعرابيَّ.
فلما كان يوم صِفّين قال علي كرّم الله وجهه: لو ذَكرتُ هذا الحديث؛ ما قاتلت معاوية. رواه ابن عساكر.
وعن يزيد بن الأصم قال: سُئل علي ﵁ عن قتلى يوم صِفّين؟ فقال: قتلانا وقتلاهم في الجنة، ويَصِيرُ الأمر إليَّ وإلى معاوية.
وعن المسيب بن نجبة قال: أخذ علي ﵁ بيدي يوم صفين، فوقف على قتلى أصحاب معاوية ﵁ فقال: يرحمكم الله، ثم مال إلى قتلى أصحابه فترحم عليهم بمثل ما ترحم على أصحاب معاوية. فقلت: يا أمير المؤمنين؛ استحللت دماءهم ثم تترحم عليهم؟ ! قال: إنَّ الله جعل قَتْلنَا إياهم كفارة لذنوبهم.
وعليٌّ كرّم الله وجهه قال: من كان يريد وجه الله مِنّا ومنهم نجا.
وما أحسن ما أخرج ابن عساكر قال: جاء رجل إلى أبي زُرعة الرازي فقال: إني أُبغض معاوية. قال: لِمَ؟، قال: لأنه قاتل عليًا بغير حق. فقال أبو زُرْعة: ربُّ معاوية رَبٌّ رحيم، وخصمه خصمٌ كريم، فما دخولك بينهما؟
ومنها: وقعة النهروان:
عن مِخْنف بن سُلَيم قال: أتينا أبا أيوب ﵁ فقلنا: يا أبا أيوب؛ قاتلت المشركين بسيفك مع رسول الله ﷺ، ثم جئت تقاتل المسلمين؟ !
1 / 54