عمرو بن العاص ﵁ على مصر فعزله أيضًا، فاجتمع عمرو ومعاوية ﵄ واتفقا على الخُروج.
وقد رَوى الطبراني عن شداد بن أوس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص جميعًا، ففرقوا بينهما"، وكان شداد إذا رآهما جالسين على فراش، جلس بينهما.
ولما فرغ علي ﵁ من الجَمل، ورجع إلى الكوفة أرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه إلى الدخول فيما دخل فيه الناس، فامتنع، فقال له أبو مسلم الخَولاني: أنت تنازع عليًا في الخلافة، أفَأنت مثله؟ قال: لا، وإني لأعلم أنه أفضل، لكن ألستم تعلمون أنَّ عثمان ﵁ قُتِلَ مظلومًا وأنا ابن عمه ووليه أطلب بدمه، فأتوا عليًا فقولوا له: يَدفَع لنا قتلة عثمان. فأجاب أهل الشام.
فأرسل إليه معاوية ﵁ أبا مسلم يطلب بدم عثمان ﵁ وأنه وليه وابن عمه. قال: يدخل في البيعة كما فعل الناس، ثم يُحاكمهم إليَّ.
فتجهز معاوية ﵁ من الشام، وعليّ ﵁ من الكوفة، فالتقيا بصفين، فتقاتلوا قتالًا شديدًا حتى بلغت القتلى ثلاثين ألفا، فلما رأى أصحاب معاوية ﵁ منهم العجز قال عمرو لمعاوية ﵄: أرسلوا إلى عليّ بالمصحف، وادعوه إلى كتاب الله، فإنَّ عليًا يجيبكم إلى ذلك، ففعلوا. فقال علي ﵁: نعم، نحن أحق بالإجابة إلى كتاب الله، فقال القراء الذين صاروا بعد ذلك خوارج: يا أمير المؤمنين؛ ما تنظر من هؤلاء؟ ألا نمشي عليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا. فقال سهل بن حنيف: يا أيها الناس؛ اتهموا رأيكم. فآل الأمر إلى التحكيم.
فَحكّمَ عليٌّ أبا موسى ﵄ بعد أن أراد أن يُحكّم ابن عباس ﵄ فمنعه أهل الكوفة، وحَكّم معاوية عمرو بن العاص ﵄، فاتفق الحكمان على أن يَخْلع كل منهما صاحبه. وكان عمرو ﵁ داهية، فَقدّم أبا موسى ﵁ فخلع عليًا ﵁، ثم قام عمرو ﵁، فقال: إنَّ أبا موسى خَلع عليا، وإني نَصبتُ معاوية، فاختلف الناس، وأخذ أبو موسى
1 / 53