عائشة، وأدهى الناس طلحة، وأشد الناس الزبير، وأثرى الناس يعلى بن أمية.
فتوجهوا إلى البصرة، فنزلوا بعض مياه بني عامر، فنبحت الكلاب، فقالت عائشة ﵂: أي ماء هذا؟ قالوا: الحَوْأب -أي: بفتح المهملة، وسكون الواو بعدها همزة، ثم موحدة بوزن: كوكب. قال في "القاموس": موضعٌ بالبصرة، وقال الدَّميري: نهر بقرب البصرة- قالت: ما أظنني إلَّا راجعة. فقال لها الزبير: بل تَقْدُمِين، فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم.
قالت: ما أظنني إلَّا راجعة، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "كيف بإحداكُن إذا نَبَحتها كلابُ الحوأب؟ ! " رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار، والحاكم، والبيهقي، وأبو نُعيم: عن قيس، قال: لما بلغت عائشة ﵂ بعض ديار بني عامر، نبحت عليها الكلاب. فذكره.
فقدموا البصرة فتعجب الناس، وسألوهم عن مسيرهم، فذكروا أنهم خرجوا غَضَبًا لعثمان ﵁، وتوبةً لما صنعوا من خِذلانه، وقبضوا على عامل علي ﵁ عليها؛ ابن الأحنف، وأقبل عليٌّ ﵁ لما سمع بخروجهم من المدينة ومعه تسع مئة راكب، فنزل بذي قار، فبلغه أنَّ أهل البصرة اجتمعوا لطلحة والزبير ﵄، فشق ذلك على أصحابه، فقال: والذي لا إله غيره لتَظْهرُن على أهل البصرة، ولتقتلُن طلحة والزبير، وبعث ابنه الحسن وعمارًا ﵄ إلى أهل الكوفة يَستنفِرهم، فدخلا المسجد، وصَعِدا المنبر، وكان الحسنُ في أعلى المنبر، وقام عمار أسفل منه، فَتكلّم عمار ﵁، وقال: إنَّ أمير المؤمنين بعثنا إليكم يَستَنفِرُكم، فإنَّ أُمَّنا قد سارت إلى البصرة، والله إني أقول لكم هذا، ووالله إنها لزَوجة نَبيكُم في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلانا؛ ليعلم إياه نُطيع، أو إياها.
وقال الحسن ﵁: إنَّ أمير المؤمنين يقول: إني أُذَكِّرُ الله رجُلًا رعى لله حقًا إلَّا نفر، فإن كُنْت مظلومًا أعانني، وإن كُنْتُ ظالمًا أخذ مني، والله إنَّ طلحة والزبير لأول من بايعني ثم نكثا، ولم أستأثر بمال، ولا بدلت حُكمًا.
فخرج إليه اثنا عشر ألف رجل، ولما قدم قام إليه قيس بن سعد بن عبادة، وابن
1 / 47