وَقد دخل النَّاس فِي دين الله أَفْوَاجًا وَمَا قبض ﷺ إِلَّا بعد أَن دخل جَمِيع الْعَرَب فِي دين الله وَلم يبْق أحد مِنْهُم على الْكفْر
وَمَعَ ذَلِك مَا وَقع من إخْبَاره سُبْحَانَهُ عَن أُمُور مُسْتَقْبلَة وَكَانَت كَمَا أخبر بِهِ وَذَلِكَ كثير جدا كإخباره عَن بعض الْكفَّار بِأَنَّهُ لَا يُؤمن وَأَنه من أهل النَّار كَأبي لَهب فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ ﴿سيصلى نَارا ذَات لَهب﴾ فَمَاتَ على الْكفْر
وَقَالَ فِي الْوَلِيد ﴿سأصليه سقر﴾ فَمَاتَ على الْكفْر
وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث حُذَيْفَة أَنه قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله ﷺ مقَاما مَا ترك شَيْئا يكون فِي مقَامه ذَلِك إِلَى قيام السَّاعَة إِلَّا حدث بِهِ حفظه من حفظه ونسيه من نَسيَه قد علمه أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ وَأَنه ليَكُون مِنْهُ الشَّيْء قد نَسِيته فَأرَاهُ فأذكره كَمَا يذكر الرجل وَجه الرجل إِذا غَابَ عَنهُ ثمَّ إِذا رَآهُ عرفه وناهيك بِهَذَا فَإِن الْإِخْبَار بِجَمِيعِ الْحَوَادِث الْمُسْتَقْبلَة إِلَى قيام السَّاعَة أَمر عَظِيم
وَقد كَانَ حُذَيْفَة رَاوِي هَذَا الحَدِيث مرجعا للصحابة فِي معرفَة أَحْوَال الْفِتَن وَمَعْرِفَة أهل النِّفَاق وتمييز أهل الْحق من أهل الْبَاطِل لما حفظ فِي هَذَا الْمقَام الَّذِي قامه رَسُول الله ﷺ
وَمن ذَلِك سُؤال عمر بن الْخطاب ﵁ لَهُ عَن الْفِتَن فَقَالَ إِن بَيْنك وَبَينهَا بَابا فَقَالَ هَل يفتح أَو يكسر فَقَالَ بل يكسر فَعرف عمرا أَنه الْبَاب وَأَنه يقتل كَمَا أخبر حُذَيْفَة من سَأَلَهُ عَن ذَلِك هَل علم عمر ذَلِك فَقَالَ نعم كَمَا يعلم أَن دون غَد اللَّيْلَة فَإِنِّي حدثته بِحَدِيث لَيْسَ بالأغاليط وَهَذَا ثَابت فِي الصَّحِيح
وَمن ذَلِك مَا ثَبت فِي البُخَارِيّ أَنه ﷺ قَالَ لعدي بن حَاتِم لَئِن طَالَتْ لَك حَيَاة لتفتحن كنوز كسْرَى فَقَالَ عدي كسْرَى بن هُرْمُز فَقَالَ ﷺ كسْرَى بن هُرْمُز وَقد كَانَ هَذَا كَمَا أخبر بِهِ ﷺ فَفتح
1 / 52